إنها حياة رائعة!

إنها حياة رائعة!

إنها حياة رائعة!

ملاك لم يحصل بعد على جناحيه يُبرهن لرجل يريد الإنتحار كم أن حياته محوريّة في حياة الآخرين!
عندما فَشل الكاتِب في نَشر هذه القصّة التي “اقتحمت” لاحقاً التاريخ الهوليوودي من خلال فيلم تحوّل طقساً محوريّاً خلال موسم عيد الميلاد في مُختلف أنحاء العالم، قرّر أن يَنشرها في إطار بطاقة مُعايدة تحتفي بعيد الميلاد بأسلوب غير تقليديّ.
كان لا بدّ له من أن يَجد طريقة ما ليُخلّد قصّة عاشها في مُخيلته طويلاً قبل أن ينقلها “حبراً على ورق”.
وأين المُشكلة إن لم يؤمن بها أحد غيره!
قرار الإنتحار
كان ذلك عام 1943 أو ربما 1945، إذ إن المصادِر لا تتفق على تاريخ موحّد، ولكن الأكيد أن فيليب فان دورين ستيرن وَضع عنوان The Greatest Gift (أعظم هديّة) للقصّة التي كتبها عام 1939، ولم يتأثر كثيراً عندما لم يؤمن بها أحد!
كان على يقين من أن رسالتها ستصل يوماً ما، لا بدّ من أن تجد طريقها إلى القلوب:
“إن حياة واحدة تؤثّر على عشرات الحيوات من حولها، وغيابها يزرع فراغاً مُرعباً”. ومن هذا المُنطلق فإن كل واحد منّا يتدخّل بطريقة أو بأخرى في مسار الآخرين.
لحظة اليأس الكبيرة
عشيّة الميلاد، يُقرّر رجل “آدمي إلى يوم الآدميّة”، أن ينتحر بعدما أمضى حياته في خدمة الآخرين، وتخلّى عن أحلامه التي بقيت عالقة في مكان ما بين المسؤوليات وخيبات الحياة المحتومة.
في لحظة استسلام مُقلقة ومصيريّة يُخيّل إلى “جورج بايلي” أن حياته لا فائدة منها، وغيابه عنها لن يؤثّر في حيوات الآخرين.
وفي اللحظة الأخيرة يتدخّل الملاك “كلارينس” الذي فَشل حتى الساعة في الحُصول على جناحيه، لكونه لم يقم بعمل خيريّ “غير شكل” يليق بالملائكة في السماء! هذه فرصته ليُبرهن للعالم بأنه يستحقّ لقب الملاك، فإذا به يُنقذ “جورج بايلي” ويأخذه في رحلة عَبر الزمن تُظهر لهذا الرجل البائس كيف ستكون الحياة لو لم يولَد، وكيف سيحيا هؤلاء الذين عاشَ من أجلهم لو لم يكن قد دَخل حياتهم بفعل ولادته على الأرض!
تدخل كلارينس الذي يُريد بأي ثمن أن يحصل على جناحيه
عام 1943 أو 1945، وزّع فان دورين ستيرن البطاقات الميلاديّة المؤلفة من 21 صفحة على الأصدقاء وأفراد العائلة. اكتفى بهذا القَدر من الشُهرة، وكانت ابتسامة الرضا تُزيّن وجهه في كل مرّة شاهدَ فيها دموع الفرح تشكره على هذه القصّة: كل واحد منّا له دوره المحوريّ على هذه الأرض. لكل واحد منّا مُساهمته في تغيير مسار الآخرين!
وذات يوم، وصلت القصّة أو البطاقة الميلاديّة إلى يدّ أحد المُنتجين في شركة RKO الهوليووديّة، وعمل المُستحيل لتشتري شركة الإنتاج حقوق هذه القصّة التي ارتأى أن لا بدّ من انتقالها إلى الشاشة الكبيرة.
وافقت الشركة “على مضض”، ولم تكترث كثيراً عندما طلب المُخرج والمنتج فرانك كابرا الأسطوريّ أن يشتري بدوره حقوق هذه القصّة التي انتقلت من “إيد لأيد” قبل أن تقتحم التاريخ الهوليوودي وتُغيّره إلى الأبد!
وفي حين كان من المُتوقّع أن يضطلع كاري غرانت بدور “جورج بايلي”، بدّل فرانك كابرا رأيه في اللحظة الاخيرة، وسلّم الدور إلى الرائع الذي لن يتكرّر جايمس أو “جيمي” ستيوارت!
توزّعت الأدوار الرئيسيّة بين دونا ريد وليونيل باريمور وهانري ترافيرس وبيولاه بوندي، ولم يكن أحد ينتظر أن يُصبح فيلم It’s A Wonderful Life، واحداً من أهم الأفلام الكلاسيكيّة في السينما الهوليووديّة.
قصّة حب كبيرة
ولكن، هذا بالفعل الذي حَصل!
ولكن، بعد حين!
فعندما عرض على الشاشة الكبيرة في 20 كانون الاول عام 1946، لم يحصل على أي شعبيّة أو نجاح جماهيريّ ملحوظ. “كان متلو متل غيرو”.
ولكن، فجأة، في سبعينيّات القرن المُاضي، بدأت المحطات التلفزيونيّة الأميركيّة تعرضه خلال فترة الميلاد، وحصل ما لم يكن في الحسبان! وأمسى العالم بأسره يعيش، ربما لحاجة الإنسان القويّة إلى الشعور بأن وجوده على هذه الأرض “إلو طعمة”، يتعامل مع الفيلم وكأنه يحتوي على رسالة إنسانيّة تنطوي على المحبة والعطاء.
العودة إلى الحياة وإلى من نثحب
“كلارينس” حصل في النهاية على جناحيه، و”جورج بايلي” هتف قائلاً: “أريد أن أحيا مجدداً!”.
وتبقى الرسالة الميلاديّة الأكثر نُبلاً هي الآتية:
“حياة كل واحد منّا تؤثّر في حيوات عشرات الذين يشاطروننا حياتنا”.
أنها بالفعل لحياة رائعة!
إنها بالفعل لحياة رائعة!
Hanadi.dairi@annahar.com.lb

m2pack.biz