ابن مسكويه 148 من 297

بالعمل على استئصال الشهوات وقمعها ، بل اكتفى باخضاعها لحكم العقل وسيطرته ، لان الشهوات لها مكانها فى الطبيعة الانسانية ، ووقف الرواقيون على الضد ، فاحتقروا الاهواء واعتبروها مخالفة فى جوهرها لمنطق العقل مطالبين باجتثائها وابادتها بقدر الامكان .

ومن اجل ذلك وضعوا الحكيم فى صورة مثالية اذ اصبح فى نظرهم اشبه الناس بشخص معصوم ، يتقن كل افعاله ، لا سلطان للاهواء عليه فلا يتاثر بشئ ( لا يحس الما ، ولا يستشعر شجنا ، ولا يعرف هما ، ولا يساور قلبه وجل ولا اسف ولا رجاء . هو الفتى من غير مال ، والملك من غير مملكة . . . انه بالاجمال الفرد العلم الذى يحيط بكل فن ويتقن كل صنعة ويعلم الامور الالهية والانسانية جميعا ) .

وستضح معالم الاخلاق عند الرواقيين بصورة اعمق اذ تكلمنا عن الصلة فى مذهبهم بين الطبيعة والعقل .

30 – الصلة بين الطبيعة والعقل :

اذا كانت الطبيعة تتجه الى غايتها بلا شعور فى الجهاد والنبات ، وبالغريزة والشعور فى الحيوان ، فانها تتخذ فى الانسان طريقا اخر هو العقل ، فهو اكمل الطرق لتحقيق اسمى الغايات ، ووظيفة الانسان ( ان يستكشف فى نفسه العقل الطبيعى وان يترجم عنه بافعاله ، اى ان يحيا وفق الطبيعة والعقل ) .

m2pack.biz