الأدب في العصر الفيكتوري

الأدب في العصر الفيكتوري

الأدب في العصر الفيكتوري

سيدور الحديثُ في هذه الفقرة عن ملامح العصر الفيكتوري والذي امتدَّ في الفترة (1833 – 1901 م) وعن صفات الأدب في ذلكَ العصر:
العصر الفيكتوري تبدأُ مرحلةُ العصر الفيكتوري بمرحلة ما بعدَ عصر النهضة في أوروبا، ووقد بلغَت فيها الثورة الصناعية ذروتها في بريطانيا وفي أوربا كلها، ثمَّ امتدت إلى أمريكا، وقد سُمِّي بذلك نسبة إلى حكم الملكة فيكتوريا والذي امتدَّ قرابة 64 عامُا من 1837 م إلى 1901 م، ويرى المؤرخون أنَّ العصر الفيكتوري هو عصر الثورة الصناعية في العالم وفيه ذروة حكم الإمبراطورية البريطانية حيثُ حكمَت ربع الكرة الأرضية تقريبًا وحدثَت في هذه العصر تغيُّرات هائلة في الصناعة والسياسة والاجتماع وغيرها وغطَّت السككُ الحديديَّة والأقنيَّة المائيَّة البلاد طولًا وعرضًا، وقد أدت التطورات العلمية والصناعية والتقنية إلى سرعة انتشار الكتب والصحف والقصص وغيرها مما أدى إلى انتشار الثقافة وتوسُّعها، وخاصَّة الصحف التي ساعدت على انخفاض نسبة الأميَّة في بريطانيا وأمريكا وفرنسا، وازدادَ عددُ المثقفين بشكلٍ كبير، ورغمَ كلِّ ما في الحقيبة الإبداعية التي سبقت العصر الفيكتوري من أصالة وعمقٍ وقوة إلا أنَّها لم تستطع الصمودَ أمام التغيرات الصناعية والعلميَّة التي اكتسحت العصر الفيكتوري.
أدب العصر الفيكتوري لم يعد الكاتب في هذه المرحلة يستطيعُ الهروب من هذا الواقع المادي إلى ما قبل ذلك من مرحلة الطبيعةِ الخلابة والبحيرات الجميلة ليكتبَ شعرًا كأشعار ردزورث وكولردج وبايرون أو يتغنى بالطبيعة وجمالها مثل معظم كتاب الفترة الإبداعية؛ لأنَّه راح ينظرُ إلى ما حوله من تغيرات على أنَّه واقع لا مهربَ منه، وقد عبر كل كاتب عن رأيه الخاص بهذه المرحلة.وقد اتَّسم الأدب بالواقعية في هذه المرحلة إلا أنَّها واقعية خالية من المنظورِ الاجتماعيِّ والسياسيِّ، لأنَّ صدقَها لا يتعدى رفع النقاب عن الواقع لا غير، وبهذا اكتفَى معظم الكتَّاب في الغالب، وربما يعود ذلك إلى أنَّ الكتاب كانوا مبهورين بالتقدم العلمي ومنجزات الثورة الصناعية، فأوجدت هذه الإنجازات بعض الأفكار والقيم التي هيمنت حتى على الأدباء المعاصرين الذين سيطرت عليهم فكرة التقدم واعتقدوا أن الشرور التي جلبتها الثورة الصناعية ستزول مع الزمن وستتحقق سعادة البشر عند ذلك ولذلك كان الأمل والتفاؤل في المستقبل من أبرز ملامح أدب ذلك العصر.
أما بالنسبة لشكل الكتابة فقدِ انتشرت الرمزية في الشعر والنثر وانتقلت إلى المسرح، كما تمَّ تحويل الكثير من الإنتاجات الأدبية إلى عروضٍ مسرحية عن طريقِ أوسكار وايلد وبرنارد شو وغيرهم، وتوفَّر مع التقدُّم الصناعي والتقنيِّ للمسارح تقنيات جديدة كالإضاءة وغيرها من أدوات أدَّت إلى تحسين جودة العمل، وظهرت المسارح المدرسية والرقص الكلاسيكيُّ الحر [١].
أدباء العصر الفيكتوري تتضمَّن هذه المرحلة أهمَّ وأشهرَ الروايات التي كتبت في الأدب الإنجليزي، ومنها التي كتبها الروائي الشهير تشارلز ديكنز كروايتي “أوليفر تويست، ديفيد كوبرفيلد”، فقد تناول في هذه الروايات الحديث عن حياة الأطفال والفقراء التي تحولت بقسوة الكبار إلى جحيم، كما تحدث عن الجانب المُظلم في العصر الفيكتوري في روايته “المنزل الكئيب” وروايته الشهيرة “قصة مدينتين” وغيرها، وهناك الروائي وليم ميكبيس ثاكاري الذي كتب رائعة الفنِّ القصصَي في ذلك العصر وهي “دارُ الغرور” واتَّسمَت رواياته بالواقعية وبذلك أيضًا اتَّسمت روايات كاسكل وجورج إليوت، وروايات الأخوات الثلاث من عائلة برونتي وهنَّ إميلي وتشارلوت وآن التي احتوت على الكثير من العناصر الرومنسية.
ويعتبرُ النقَّاد أنَّ رواية إميلي برونتي “مرتفعات وذرينغ” ورواية تشارلوت برينتي “جين إير” من أعظم الأعمال الروائية في العصر الفكتوري. ومن شعراء تلك المرحلة ألفرد تينسون وروبرت براوننغ وماثيو آرنولد والكاتب الساخر توماس كارلايل، وألفَ الكثير من الكتاب أعمالًا غير قصصية تناولت السوءَ في ذلك العصر، توماس كارلايل الذي هاجمَ الطمعَ والرياءَ، وجون ستيوارت الذي بحث في العلاقة بين المجتمع والفرد في مقالاته وغيرهم.[٢]المراجع[+]
↑ الأدب الإنكليزي, ، “www.marefa.org”، اطُّلع عليه بتاريخ 8-11-2018، بتصرف
↑ “الأدب الإنگليزي”، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 08-11-2018. بتصرّف.

m2pack.biz