التخطيط القومي الشامل 1 من 4

التخطيط القومي الشامل 1 من 4

التخطيط القومي الشامل 1 من 4

المدخل والمفهوم
د. هشام أحمد أمين مختار
أستاذ التخطيط القومي والتنمية العمرانية
جميعنا يمارس التخطيط في حياته الشخصية بدرجات متفاوتة من الوعي وبمستويات متباينة من التعقيد… ففي أبسط
الصور، كل منا يخطط ليومه فيحلل المعطيات المرتبطة به ويحدد الأهداف التي يريد تحقيقها خلاله ثم يفاضل بين
بدائل بلوغها ليختار أنسبها، آخذًا في الاعتبار كافة المحددات الزمنية والمادية وفق العوامل المحيطة به… فلا أحد
يستطيع العيش دون تخطيط حتى إن مارسه بتلقائية فطرية دون أن يدري، سواء كان رجل أعمال أو كانت ربة
منزل، فدون ذلك يظل المرء في حالة من السكون كالجماد… وتتفاوت درجات تعقد عملية التخطيط بمقدار تعدد
المتغيرات التي تتعامل معها، فكلما زادت الثوابت كان التخطيط أبسط وأيسر، وكلما كثرت المتغيرات تطلب الأمر
التعامل معه بحرفية من خبراء ومتخصصين في مجالات متعددة… ويزداد الاحتياج للتخطيط بصورة علمية
واحترافية منظمة بقدر ما يحمله الهدف من طموح وبقدر تشعب العوامل والمعطيات المحيطة به… إلا أن الأمر في
جميع الأحوال يتوقف على درجة وعي متخذ القرار بحجم التحدي والأهمية التي يولها للمهمة التي هو بصددها،
فالاستخفاف المخل غالبًا ما يفضى إلى كوارث كثيرًا ما يصعب تدارك نتائجها وانعكاساتها…
التخطيط هو فن التعامل مع المستقبل… وهو ضرورة للكيانات بقدر ضرورته للأفراد، سواء كان الكيان أسرة أو
شركة أو حتى دولة بأسرها… وللتخطيط مستويات متدرجة بقدر حجم وقدر الكيان الذي يتعامل معه ومدى ما يجابهه
من تحديات ومقدار الطموح الذي يستهدفه… فحينما يتعلق الأمر بدولة، يكون التخطيط القومي هو الإطار الحاكم
لما دونه من مستويات تخطيطية تبدأ من التخطيط الإقليمي إلى التخطيط المحلي وصولًا إلى تخطيط المواقع …

m2pack.biz