التشكيلية المغربية «نزهة خيري» عندما يجتمع الجمالي والاجتماعي في اللوحة

التشكيلية المغربية «نزهة خيري».. عندما يجتمع الجمالي والاجتماعي في اللوحة

التشكيلية المغربية «نزهة خيري».. عندما يجتمع الجمالي والاجتماعي في اللوحة

الرباط- لحسن ملواني : «نزهة خيري» تشكيلية مغربية عصامية، تستحضر لوحاتها عالماً جمالياً لا يخلو من هم اجتماعي واضح، ضمن مخيلة إبداعية توحي بالرمز وتدعو إلى التأمل، وتخلق حالة دائمة من التواصل ما بين الماضي والمستقبل.
التجريد والتراث
في لوحاتها تركيبات خاصة، سواء في تعاطيها للأشكال الهندسية أو الاستلهام من التراث والترميز إلى ما يثير التفكير إزاء المرئي المنجز بما تَحمله علاقات مفرداته، فهي لا تبتعد عن الأسلوب نفسه والصلات المنظمة لمنجزها البصري. أشكال هندسية مطعمة بأشياء تمنحها الحياة والحيوية المثيرة بشكل أو بآخر. وهي وإن كان اتجاهها الإبداعي يميل إلى التجريد، فإن قوة المركون في الذاكرة يجعلها تتجه بلوحاتها لتكون مسكونة بمؤثثات خاصة، تعكس ارتباطها بالحاضر والمنسي في حياتها اليومية، ففي مشَكِّلات منجزها البصري نجد الحلي والمعمار والأثاث، علاوة على لوحات تحمل الإنسان، سواء عبر بورتريهات بصيغ خاصة، أو عبر وضعيات تبديها في حالات تراجيدية مثيرة. فلا تكاد لوحة من لوحاتها تخلو من الأشكال الهندسية، هذه الأشكال التي تجعلها مؤطرا لمعطيات اللوحة فهي أشكال للخلفية وللأرضية والمحيط في كثير من لوحاتها، ما يرمز إلى الجبال والهضاب والتلال باعتبارها أشكالا تضاريسية لا تخلو منها البيئة التي نحيا عليها.
التقنية والأسلوب
ورغم تنوع أعمالها إلا أننا نشعر بوحدة الملمح العام، من حيث التقنية والبصمة الخاصة بحسها الشاعري العميق، مع الحرص على هذه الجمالية في اللون وعلائق الأشكال ببعضها لتأسيس وحدة بصرية قائدة نحو التأمل وإعادة النظر. ففي بعض لوحاتها نلاحظ ما يشبه النقش على الحجر، وما يحيل إلى رسومات جعلتها الألوان المرسومة بها عائدة إلى سنين غابرة، وفي جل منجزها التشكيلي نلاحظ جيدا هذه الإحالة إلى عوالم ربما تراها الفنانة منسية أو مهمشة مهملة، وكأنها تتساءل إزاء مصائرها ومآلاتها. فبين الاستقرار واللاستقرار تنسج الفنانة لوحاتها ملبية حاجات الروح وحاجات البوح بأسرار المكان ومن يسكنه. هذه التحولات من السكونية إلى الترنح ومن ضبابية اللون إلى نصاعته ومن المشاهد المغلقة إلى المفتوحة، تنعكس الحالات الوجدانية إزاء الواقع المعيش بكل تناقضاته. وهي أعمال محرضة دوماً على مغامرة الاكتشاف. ففي لوحة من لوحاتها امرأة تلتحف وردة حمراء محتضنة بيضا أو ما يشبه بيضا، في وضعية شاعرية تفيwض حنانا، وكأن الفنانة تحاول الإشارة إلى إحساس رهيف ينتاب المرأة إزاء أمومتها وما يحف بها من خلجات نتجاهلها أحيانا فنؤذيها لنجرحها في العمق.
وفي لوحة تجد هذه العيون المائلة والشائهة مغروسة على جدار يقابل قضبانا من حديد عليها قفل، تعبيرا عن الحرية وما يشبهها من قيم. وفي لوحة أخرى تجد هذا التجاور بين مؤثثاتها.. مزهريتان وجرة برأسي أنثى بلا ملامح، ويحيط بعنقها عِقد تقليدي لمَّاع، ومفردات اللوحة متلاصقة بشكل يوحي بحميمية وتضامن يعززه تعاضد وتداخل العناصر التشكيلية بكاملها.
التشكيلية المغربية «نزهة خيري»: عندما يجتمع الجمالي والاجتماعي في اللوحة

m2pack.biz