الذاكرة الطويلة الأجل
1 من أصل 2
يؤدي الاستمرار في الاهتمام بالمعلومات والتفكير فيها داخل عقل المرء (أو «التمرن عليها») إلى نقلها للمخزن طويل الأجل (الذي يشار إليه أحياناً بـ «الذاكرة الثانوية») الذي يتمتع فيما يبدو بسعة لا محدودة تقريباً. فتوضع المعلومات الأكثر أهمية (مثل: رقم الهاتف الجديد الذي يجب أن تحفظه عندما تنتقل إلى بيت جديد، أو رقم التعريف الشخصي في البنك، أو تاريخ ميلادك) في المخزن طويل الأجل (الشكل 2-2). وهذا الجانب من الذاكرة الذي يتسم بأنه طويل الأجل هو المحور الأساسي لهذا الفصل.
على عكس التمثيل السمعي للمعلومات في المخزن قصري الأجل، يُعتقد أن المعلومات في الذاكرة الطويلة الأجل تُخزن بصفة أساسية وفق «معنى» المعلومة؛ وبالتالي، عندما يُطلب من أحد أن يتذكر مجموعة مختارة من الجمل ذات المعنى التي قُدمت له سابقاً، فإنه عادة ما يعجز عن إعادة إنتاج نفس الكلمات بدقة، ولكنه يستطيع عموماً نقل معنى الجمل أو جوهرها. وكما رأينا في الفصل الأول (عند تناول أعمال بارتليت)، فإن فرض المعنى من «المستوى العام إلى المستوى الخاص» يمكن أن يؤدي غالباً إلى تحريفات وتحيزات داخل الذاكرة، كما في حالة قصة «حرب الأشباح». وسنعود إلى موضوع تحيز الذاكرة الطويلة الأجل هذا في الفصل الرابع، عندما نستعرض «شهادة شاهد العيان».
تعتبر نماذج مثل نموذج الذاكرة ثلاثي المراحل لأتكنسون وشيفرين، والموضح سابقاً، مفيدة في تبسيط وتمثيل بعض جوانب تعقيد الذاكرة البشرية. مع هذا، يتطلب هذا التعقيد بحد ذاته تعديلاً متواصلاً يمكن هذه النماذج من دمج ملاحظات إضافية. مثلاً: حدد نموذج معالجة المعلومات الموضح سابقاً فرضيتين أساسيتين: (١) لا تستطيع المعلومات الوصول إلى الذاكرة الطويلة الأجل إلا بالمرور أولاً على المخزن قصير الأجل،و(٢) التمرن على المعلومات في المخزن قصير الأجل سيؤدي إلى كل من حفظها في هذا المخزن ومضاعفة فرصة نقلها إلى المخزن طويل الأجل.