الذاكرة وتقدم العمر
4 من أصل 4
يبدو أن «الذاكرة الضمنية» (أي الذاكرة غيري الواعية، التي تخضع عادةً للاختبار بشكل غير مباشر من خلال تقييم التغيرات التي تحدث في السلوك بدلاً من تذكر تجربة الذاكرة) تتراجع بعض الشيء مع تقدم العمر. على سبيل المثال: أجرى هيل (١٩٥٧) دراسة مثيرة للاهتمام عن الطباعة تدعم هذا الاستنتاج، وانطوت على تعلمه طباعة فقرة نصية وهو في سن الثلاثين ثم اختبر نفسه مجدداً وهو في سن الخامسة والخمسين ثم الثمانين! وقد أشارت نتائج دراسة هيل (على نحو يتسق مع دراسات مشابهة) إلى أن الذاكرة الضمنية لا تنضج نسبياً في باكر الطفولة وحسب، ولكن يبدو أنها تصمد جيداً حتى الشيخوخة أيضا.
ثمة تأثير ضعيف لتقدم العمر على «الذاكرة الدلالية». في واقع الأمر، يبدو أن هذه القدرة تتحسن على مدار الحياة. فمثلاً: عادةً ما تتضاعف مفردات الأشخاص ومعرفتهم العامة مع تقدمهم في العمر (رغم أنهم قد يواجهون صعوبة أكبر في الوصول إلى المعلومات المطلوبة؛ مثلاً: فيما يتعلق بظاهرة طرف اللسان التي ناقشناها في الفصول الثاني والثالث والرابع). وقد اقترح البعض أن تراكم المعلومات في الذاكرة الدلالية على مدار حياة المرء يمكن أن يفسر سبب اشتغال كبار السن كثيراً بمهن معينة تعتمد متطلباتها اعتماداً كبيراً فيما يبدو على المعرفة الدلالية (مثل: قضاة المحاكم العليا، والروائيين، ورؤساء مجالس إدارات الشركات، والأميرالات، والأساتذة، واللواءات).
هناك بعض الأدلة على أن فقدان الذاكرة المرتبط بتقدم العمر ينشأ جزئياً من التدهور النسبي في الفصوص الأمامية بالمخ؛ مما يؤثر على الجوانب الإستراتيجية والتنظيمية للذاكرة. وكما ذكرنا سابقاً في هذا الفصل، يبدو أن هذا الجزء من المخ قد تطور بشكل غير متكافئ لدى البشر مقارنةً بالكائنات الأخرى.