السلطان علي دينار
آخر سلاطين قبائل ” الفور ” في ( دار فور ) بالسودان . ولد في قرية ” شوية ” بدارفور ، وليس لولادته تاريخ محدد ويمكن تقديره بين عام 1856 أو 1870 . هو ” علي بن زكريا بن محمد فضل ” . لا يعرف شيء عن طفولته أو شبابه . وبداية التاريخ المعروف عنه كا حين ساند عمه السلطان ” أبو الخيرات ” في قمع تمرد عليه أيام سيطرة الأسرة المهدية . وعلى رغم تعدد المصادر فإن الكلام عنه يبدو ملتبساً تماماً ومن الصعب الوقوف على توافق في سيرته . وبعض المؤرخين يؤكد أنه رفض الامتثال للمهدية حين طلب إليه لقاؤهم وآخرون يؤكدون أنه التقى بخليفة المهدي ” التعايشي ” عام 1892 . لكن المؤكد أنه حين هزم المهديون أمام الإنجليز عام 1898 ، هرب ” علي دينار ” مع عدة مئات من أتباعه عائداً إلى ( دارفور ) وعاصمتها ( الفاشر ) التي كان السلطان ” أبو كودة ” نصب نفسه سلطاناً عليها أثناء المعارك الدائرة ، لكنه تنازل لعلي دينار طواعية بالرغم من أن ” دارفور ” أيامها كانت مطمع الطامحين إلى الحكم .
قام ابن عمه ” إبراهيم علي ” بطلب مساندة الإ،جليزي ضد ” علي دينار ” في أيام السردار الإنجليزي ” كتشنر ” الذي خشي من الصراع في إقليم متشابك المصالح مثل ( دارفور ) فوقف على الحياد مما أدى إلى تقوية موقف ” علي دينار ” الذي انتصر وسعى بعدها لاسترضاء الإنجليزي ، الذين استبقوه بالرغم من أنهم كانواي فضلون حاكماً مصرياً أو إنجليزياً على الإقليم فقد كانت السودان ومصر تحت الحماية البريطانية . واعترفوا به اتباعاً للسياسة البريطانية في توطيد سلطة الحكام المحليين وإبقائهم تحت نفوذهم . انقلب الوضع عام 1900 حين عين البارون النمساوي ” سلاتين باشا ” مفتشاً عاماً للسودان والذي أصدر كتابه المعروف بعنوان ” السيف والنار في السودان ” .
اغتنم المعتمد البريطاني ” اللورد كرومر ” وجود مفتش السودان الجديد ” البارون سلاتين باشا ” ليتولى مسألة إقناع ” علي دينار ” بعدم إعلان استقلال دارفور وأن الإقليم يقع في منطقة النفوذ البريطاني بموجب معاهدة عام 1894 مع الإنجليز واتفاق عام 1899 مع الفرنسيين لكن دينار رفض المعاهدتين وتهرب من مواجهة المفتش النمسوي ، وحرص على منع دخول أي أجنبي أو موظف حكومي رسمي ، كما رفض طلب الزعيم السنوسي ” محمد المهدي ” عام 1900 عبور دارفور في الطريق إلى الحج متعللاً بفقر إمكانياته . وكانت الحركة السنوسية آنذاك في أوج تقبل الشمال الإفريقي لها . تعرض السلطان علي دينار لأزمة جديدة حين سيطر الفرنسيون على منطقة حدودية بين دارفور وتشاد في سلطنة ” واداي ” الإسلامية وأزاحوا سلطانها ” رابح الزبير ” عام 1900 وأكملوا سيطرتهم عام 1908ووصلوا إلى حدود دارفور .
رفضت حكومة السودان الواقعة تحت النفوذ البريطاني التدخل . تعرض ” دينار ” لأزمة أخرى بتمرد في جنوب وغرب دارفور ، قام به بعض أتباع بقايا الدولة المهدية السودانية التي قضى عليها الإنجليز وتلقى ضربات موجعة من فلول جيش المهدية بقيادة أحد رجال الدين لكن السلطان علي دينار استمر في إنهاكه حتى قضى عليه عام 1909 . ظل التوتر بينه وبين باقي القبائل في ( دارفور ) خاصة قبائل المساليت والرزيقات والزياية ، حتى النهاية . حاول علي دينار الانفتاح على الخارج بالرغم من الحصار الإنجليزي المفروض عليه وخاصة اتصالاته مع صحيفة ( العمران ) القاهرية ، بينما كانت صحيفة ” اللواء ” التي كان يصدرها ” مصطفى كامل ” تشيد به وتعتبره نموذجاً للمقاومة . تنسب إليه ( آبار علي ) في المدينة المنورة والتي أوقفها على الحجاج . ساند العثمانيين في الحرب العالمية الأولى وألمانيا ضد الحلفاء مما أدى إلى الإسراع بنهايته . اغتيل أثناء صلاة الصبح في محرم 1335 ( نوفمبر 1916 ) .