السياق التاريخي والظروف المحيطة بتأليف الكتاب 1من اصل2

السياق التاريخي والظروف المحيطة بتأليف الكتاب 1من اصل2

السياق التاريخي والظروف المحيطة بتأليف الكتاب 1 من اصل 2
السياق التاريخي والظروف المحيطة بتأليف الكتاب 1 من اصل 2

لكي نفهم فكر لوبون ينبغي أن نعلم أن حياته الطويلة قد أتاحت له أن يشهد انتصار العلم في أواخر القرن التاسع عشر وأزمات الأنظمة الديمقراطية البرلمانية وبزوغ نجم الاشتراكية وصعودها، ثم ظهور تلك القوى الشعبية التي رافقتها وأقلقته كثيرًا.

وأما فيما يخص السياق التاريخي السياسي فينبغي أن نعرف أن فرنسا قد خرجت مهزومة وذليلة من حربها مع ألمانيا عام (1870) لتعيش حالة التمرد الشعبي المتجسد بكومونة باريس.

وفي مواجهة كل ذلك كان المنطق يقتضي وجود حكومة قوية قادرة على ضبط الأوضاع وإعادة الهيبة والسيادة. ولكن ما هو موجود كان ضعف الحكومات وانقسام الأحزاب السياسية على بعضها البعض وعجزها عن مواجهة المتمردين.

وكانت الدولة الفرنسية تشعر بوجود خطرين، الأول خارجي ويتمثل بألمانيا، والثاني داخلي ويتمثل بالثورة الفرنسية التي لا تعرف كيف تنتهي منذ أكثر من قرن. فقد كان شبحها يخيم على نفوس الحكام.

يقول أحد كبار مؤرخي الثورة الفرنسية المعاصرين فرانسوا فوريه ما يلي: “إن تاريخ القرن التاسع عشر كله كان تاريخ الصراع بين الثورة والارتداد عليها، وذلك عبر حلقات من مثل 1815، 1830، 1848، 1851، 1870، كومونة باريس. الخ…”(4).

ويكفي أن نقرأ تين أورينان أو حتى روايات إميل زولا، على الرغم من اختلاف هؤلاء فيما بينهم من حيث التوجه المحافظ أو التقدمي، لكي نتيقن من وجود ذلك الخوف من الطبقات الشعبية. ومن أجل مواجهة هذا الخطر كان على المفكرين إيجاد تفسير للأحداث، أي إيجاد مفتاح يفتح أبواب العصر الحديث ويحل لغزه. فقد كانت أنظار كل الناس في فرنسا آنذاك مركزة على النظام الاجتماعي وتراقب عدم ثبات السلطة السياسية أو استقرارها. فمحاولة الارتداد على الثورة وإعادة النظام القديم بكل ملكيته وكنيسته وكهنته لم تؤد إلى النتيجة المرغوبة، بالرغم من ازدهار العقائد التي تدين أفكار العالم الحديث وتلعن من ينشرونها (كمزاعم العلم، وحق التصويت العام، والمبدأ الأعلى للمساواة بين البشر، الخ…).

 

m2pack.biz