«الصديقان» للفرنسي لوي غاريل استعادة جديدة لحالة التّخبط العاطفي

«الصديقان» للفرنسي لوي غاريل.. استعادة جديدة لحالة التّخبط العاطفي

«الصديقان» للفرنسي لوي غاريل.. استعادة جديدة لحالة التّخبط العاطفي

باريس «القدس العربي» : لا بدّ أن يُذكّر أي فيلم فرنسي يحكي عن تنقّل امرأة بين رجليْن، أو تخبّطها عاطفياً بين الاثنيْن بحيث تنتقل من أحدهما للآخر، بشكل متكرّر، أو تبقى مع كليْهما بشكل موازٍ، من دون أن يكون ذلك في السرّ، بل يكون حتى بحضور كليهما، والحديث هنا عن علاقة عاطفيّة، لا بدّ وأن يذكّر باثنيْن من كلاسيكيات السينما الفرنسية لاثنيْن من أفضل مخرجيها: «الامرأة امرأة» (1961) لجان لوك غودار، و»جول وجيم» (1962) لفرانسوا تروفو.
في الفيلم المعروض حالياً في الصالات الفرنسية، «الصديقان»، يحضر التخبط العاطفي لبطلته منى (الإيرانية كلشفته فراهاني) بين صديقيْن، وذلك حين يطلب أحدهما وهو كليمان (فانسان ماكاين) من الآخر وهو أبيل (لوي غاريل، وهو مخرج الفيلم في تجربته الروائية الأولى) مساعدته في إقناع منى بالإبقاء على علاقتهما، هي وكليمان، علماً بأنّه لم تكن هنالك أي علاقة أساساً بالنسبة لمنى.
كليمان يطلب من أبيل مساعدته في التقرّب من منى، فتنجذب هي لأبيل، يُمارسان الحب، في اليوم التالي يصحو أبيل على ما فعله فيطردها ويتجنّبها لاحقاً، ثمّ يطلب كليمان من منى إن لم ترده كحبيب، أن يبقيا معاً ولو كأصدقاء، توافق، تبقى مع كليمان ويرافقهما أبيل، يجولون معاً في المدينة. هنا تبدأ منى في التخبط بين الاثنيْن، تماماً كبطلتيْ فيلمَي غودار وتروفو، أبرز مؤسسي «الموجة الجديدة» في السينما الفرنسية.
يبدأ الفيلم ومنى، في السجن تستعد للخروج كي تعمل في كافتيريا في محطة القطار وتعود مساء، ضمن نظام يسمح للسجناء الموثوقين للخروج لساعات، تمضي الوقت مع كليمان، من البداية يتّضح تعامله معها كحبيب وتعاملها معه كصديقة.
تتطوّر الأحداث، يخبرها كليمان بأنّه يحبها، صراحةً، تخبره بأنّها لا تحبه، يجرح يده فيسيل دمه ويسقط أرضاً، ينقلانه إلى المستشفى. هناك، كل ما يقلق كليمان سيكون العصفور الذي جلبه كهدية لمنى ولم تقبله، وهو على الفراش يصر على أبيل بأن يعود إلى بيته ليطعم العصفور. يخرج أبيل ومنى من المستشفى ويتركانه لينام، يذهبان إلى بار، ترقص هي في مشهد هو من معالم الجمال البصري في الفيلم، حيث اللون الأزرق المنعكس بين إضاءة النيون وملابسها، يذهبان بعدها إلى كنسية ثم إلى بيت أبيل، هناك يمارسان الحب، ما لم تفعله مع كليمان الذي رفضت حتى تقبيله. في اليوم التالي ينتبه أبيل لفعلته وخيانته لصديقه، فيطردها. يخرج كليمان من المستشفى، يبحث الصّديقان عن منى، يجدانها، يمضيان الوقت معاً، تطلب منهما في آخر الليل الذهاب إلى فندق مرّوا به، غرفة لها وغرفة لهما، ينزل كل منهما إلى غرفتها، هناك، تُقبّل الاثنيْن، كلا على حدة، إنّما القبلة الأشد كانت لأبيل، في وقت كانت فيه منى أكثر ارتياحاً ومحادثةً مع كليمان. وقف كليمان مندهشاً مما يراه. تتصل منى بالشرطة لتأتي وتقلّها إلى سجنها، تتركهما هناك، كليمان يسأل صديقه، محتاراً وقلقاً، إن كان قد مارس الحب معها، وأبيل يجيب بالنفي مستنكراً سؤالاً كهذا.
يجمع الفيلم بين الدراما والكوميديا، ما يمكن تسميته بالدراميديا، حيث كانت الدراما في المسار والنهاية لعلاقة حب من طرف واحد مرت بسرعة في الفيلم، والكوميديا في الحوارات والمواقف، خاصة أنّ كليمان، بسبب هوسه بمنى وحبه لها، صدرت عنه تصرّفات بلهاء، مقابل أبيل الخبيث ومتعدّد العلاقات.
الفيلم الذي عُرض ضمن «أسبوع المخرجين» المرافق لمهرجان كان هذا العام، مأخوذة قصّته مما هو أبعد، زمانياً، من فيلمَي غودار وتروفو، من مسرحية بعنوان «أمزجة ماريين» للمسرحي الفرنسي ألفريد دو موسي. وكان الفيلم لافتاً، ليس كفيلم هو تجربة أولى للوي غاريل (الذي مثّل في «الحالمون» و»الشخص الجميل»، و»سان لوران» السّنة الماضية) بل كفيلم اختير للعرض في واحد من برامج مهرجان كان السينمائي. وكانَ، من بين ما تميّز به الفيلم كاستخدامات الألوان فيه والحوارات والإضاءات الليلية، أداء الإيرانيّة كلشفته فراهاني.
سليم البيك

m2pack.biz