الصديق والدولة الاسلامية10من اصل28

الصديق والدولة الاسلامية10من اصل28

الصديق والدولة الاسلامية7من اصل28
الصديق والدولة الاسلامية10من اصل28

وكانت لهم أسر معرقات في الحكم تتداوله تارة بسلطان الحبشة، وتارة بسلطان فارس، وحينًا بين هذا وذاك بسلطان أهل البلاد، وكانت لهم كهانة تمتزج بكل عقيدة من العقائد الكتابية وغير الكتابية.

فلما اضطرب بينهم ميزان الأمور برز كل عامل من هذه العوامل في الفتنة بأثر من آثاره، ونجح بينهم الأسود العنسي صاحب النبوة فيهم- وهو مسخ مشوه- لأن التشويه كان من آلات الكهنة والسحر عندهم ولم يكن من عوائق النجاح في أمثال هذه الدعوات. فكان وفاقًا لشروط الكهانة اليمنية على شبه من كاهنهم “سطيح” الذي قيل فيه إنه كان لحمًا بغير عظم، أو كان من لين العظام بحيث يدرج جسمه كما يدرج الثوب خلا جمجمة رأسه، وهي مع هذا تمس باليد فيؤثر فيها المس الخفيف لفرط لينها، وعلى شبه من كاهنهم “شق” الذي سمي بهذا الاسم لأنه أشبه بنصف إنسان مشقوق لنحافته وانسلاخ أعضائه. فكانت حقارة الأسود العنسي آلة من آلات نجاحه تبطل العجب ولا تدعو إليه، كلما استعظم أحد أن يظفر مثله بما ظفر به من الفوز العاجل في بداية الفتنة اليمنية.

وحيثما رجعت الفتنة إلى مطامع العنسي وأمثاله من المشعوذين الطامحين إلى الصولة فقد بدأت طلائعها من أيام النبي عليه السلام في أنحاء متفرقات من الجزيرة، لأن هؤلاء المشعوذين لم يفهموا الإسلام ولم يعقلوا قط أنه دعوة إصلاح لخير الناس، وكل ما عقلوه أنه حيلة كاهن أفلحت فحق لهم أن يطمعوا في الفلاح لأنهم كهان لا تعوزهم وسائل السحر وحبائل الخديعة. فتطلعت رءوس الفتنة من هنا وهناك والنبي عليه السلام بقيد الحياة، إلا أنها لم تتفاهم ولم تبلغ مداها من الانتشار في حياته عليه السلام.

ولكنها تجمعت إلى يوم الرجة التي ارتجتها الجزيرة العربية بعد فراقه هذه الدنيا.

وهي رجة لا محيص عنها. فما كان معقولًا ولا منظورًا أن يحدث هذا الحادث الجلل بغير رجته التي تقترن به لا محالة، وإذا وقعت الرجة فما كان معقولًا ولا منظورًا أن تقع على غير هذا المثال.

 

m2pack.biz