الطبع الفردي والطبع الاجتماعي 13من اصل13
ولم تكن الملكية العقارية الخاصة للبيع في الأسواق لأنها كانت جزءاً من الدور الاجتماعي للمالك. وقضت الرأسمالية الحديثة على نظام الإقطاع. ولم تعد المسألة في الملكية الخاصة مسألة ملكية عقارية فحسب، بل كانت أيضاً مسألة ملكية في وسائل الإنتاج. ففي وسع المرء أن يتصرف في كل ملك؛ إن في وسعه أن يشتريه ويبيعه في السوق؛ وتتجلى قيمته في الصورة المجردة للمال. فالأملاك والآلات والذهب والماس تشترك كلها في أن قيمتها يمكن أن تظهر في الصورة المجردة للمال. ويستطيع كل إنسان أن يقتني عقاراً بصرف النظر عن مركزه في النظام الاجتماعي. ولا يهم بأية وسيلة اقتنى المرء ملكيته الخاصة، سواء أكان هذا بالجد والعمل الخلاق المنتج أم بالحظ أو البطش أو الوراثة. إن أمن إنسان ما وقدرته وشعوره بالقوة لم يعد وقفاً على وضع المذكور الاجتماعي، كما في النظام الإقطاعي، حيث أنه كان آنذاك ثابتاً نسبياً، بل يتوقف هذا على حيازة الملكية الخاصة. وعندما يفقد إنسان عصرنا الحاضر ملكه الخاص فليس هو في مثل هذه الأحوال بأحد من الناحية الاجتماعية. وما دام النظام الإقطاعي سليماً استطاع الإقطاعي أن يحافظ على ملكيته الخاصة من دون أن يفرط بها. وطبقاً لذلك تتمايز المثل العليا. وقد كان الهم الأساسي للإقطاعي، وحتى للصناعي المنتمي إلى فئة حرفية استقرار النظام التقليدي وعلاقة انسجام مع الأعلين، وكان همه أيضاً تصور الآلة آخر ضمان لثبات النظام الإقطاعي. وحين كانت إحدى هذه الأفكار تمس كان أحد أفراد المجتمع الإقطاعي يجازف حتى بحياته لكي يدافع عما كان يراه أعمق معتقداته.
وللإنسان الحديث مثل عليا مختلفة كل الاختلاف. إذ يقوم مصيره وأمنه ونفوذه وسلطته على ملكيته الخاصة. ولهذا السبب فإن الملكية الخاصة للمجتمع البورجوازي مقدسة، ويشكل المثل الأعلى لقدسيتها وحرمتها حجر زاوية لبنائه الأيديولوجي. ومع أن الأكثرية في مجتمعاتنا الرأسمالية لا تتصرف بأية ملكية خاصة بالمعنى المستعمل هنا (لملكية وسائل الإنتاج)، بل تتصرف فقط بملكية شخصية، مثل السيارة أو جهاز التلفزيون، وهذا يعني سلعاً استهلاكية،