الطفل والطبيعة 4 – 5
وكلهم ثقة في أنها تفهمهم: “صباح الخير يا قطتي”. “هل تأتين معي”. “عما تبحث أيها العصفور؟” “هل أنت جوعان؟” وعندما لا يجيب الحيوان، ويتخلص الطفل من لحظة التعجب وخيبة الأمل، يبدأ في ابتكار الإجابات، ظناً منه أنه يعبر بها عن رغبات الحيوانات وأفكارها. ونراه يقف موقف الراعي بالنسبة للحيوانات الضعيفة، التي تحتاج إلى رعاية وعطف. فهو يتصرف كالبالغين تجاه قطة مريضة، أو عصفور سقط من عشه. وهذا هو السبب، الذي يدفعه إلى طلب امتلاك حيوان خاص به، حتى في حالة وجود كلب أو قط بالمنزل.
وحتى سن الثالثة، يفضل الطفل السمكة حمراء، فهي تكون بالنسبة له، بمثابة لعبة تتحرك بصفة مستمرة. ورغم كونها محبوسة في إنائها، إلا أنها ملك له، تتيح له فرصة إبداء ملاحظات مشوقة؛ فهو يتأملها عندما تصعد إلى السطح لتأكل، أو عندما تتحرك. وبعد فترة، يطالب بحيوان أكثر قدرة على تسليته، كالقط، وأحياناً يطالب بكلب. ثم يميل إلى الحيوانات التي يعثر عليها، مثل السحالي والعصافير الضالة، والضفادع، ومن المستحسن ألا نمانع في أن يحتفظ بها. فالطفل سيتعلم الكثير من معايشته لهذه الحيوانات، فهو قبل كل شيء يحب أن يعلم أنه يتعامل مع كائن حي، فلا يجب أن يسيء معاملته، أو يتخلى عنه، بعد فترة، حسب أهوائه. بل يجب أن يعرف، أن هذا الحيوان، في حاجة إلى حبه وعطفه. ومن معايشته للحيوانات، يستطيع الطفل أن يتعرف على قوانين الحياة: مثل الميلاد والوفاة، إذا تسنى له حضور مولد صغار حيوانه الأليف، أو في حالة وفاة هذا الحيوان.