الغرافين لفهم عملية الترشيح وانتقال الأيونات داخل الخلايا

الغرافين لفهم عملية الترشيح وانتقال الأيونات داخل الخلايا

الغرافين لفهم عملية الترشيح وانتقال الأيونات داخل الخلايا

في هذا النموذج الموضَح يوجد غشاء بيولوجي (الجزء الرمادي) مع قناةٍ أيونية (المركز) مغمورين في محلولٍ من الماءِ والأيونات. هذا المقطع العرضي من نموذجِ المحاكاة “علبة” توضح الجهد الكهربي والعوامل الخارجية “القوة” التي توصل الأيونات عبر القناة من وإلى الخلية. نظراً لوجود القناة يظهر نموذج مذهل لفرق الجهد. وتوضح الألوانُ الخطوطَ الخاصة بالجهودِ المتساوية. إن طبيعةَ التحلل البطيئة لهذا النموذج في الفراغ تجعل عملية المحاكاة صعبة. النسبة الذهبية ذات الأبعاد المتجانسة (Golden aspect ratio) هي النسبة المختارة بين الطول والعرض لهذه العلبة والتي تتيح لنماذج المحاكاة الصغيرة التقاط التأثير الخاص بالأبعاد المكانية الكبيرة لهذه التجربة. المعهد الوطني للمعايير والتكنولوجيا.
المسام الدقيقة في مدخل الخلايا تُمثل حراس مصغرين، تسمح بعبور بعض الذرات والأيونات المشحونة كهربيًا وتمنع البعض الآخر. وتعمل كمرشحات عالية الحساسية، إن هذه “القنوات الأيونية” تلعب دورًا حيويًا في وظائف بيولوجية مثل انقباض العضلات وعمل الخلايا الدماغية أو العصبية.
لنقل الأيونات الصحيحة بشكل سريع عبر الغشاء الخلوي، تعتمد القنوات الأيونية على التداخل المعقد بين الأيونات والجزيئات المحيطة خاصة جزيئات الماء والتي تتمتع بانجذاب نحو الذرات المشحونة، ولكن عادةً يصعُب صنع نموذج لهذه العمليات الجزيئية وبالتالي يصعب فهمها باستخدام أجهزة الحاسوب أو المكونات الصناعية.
الآن أثبت العلماءُ في المعهد الوطني للمعايير والتكنولوجيا (NIST) أنّ حفر مسام ذات مقياس نانوي في طبقات الغرافين – رقاقات رفيعة بسماكة ذرة كربون واحدة تشتهر بقوتها وتوصيليتها العالية – يمكنها أن تقدم نموذج بسيط للعملية المعقدة في القنوات الأيونية.
يتيح هذا النموذج للعلماء قياس مجموعة من الخصائص تتعلق بانتقال الأيونات. بالإضافة إلى إمكانية تزويد مسام الغرافين النانوية بمرشحات آلية فعالة مناسبة لمثل هذه العمليات كإزالة الأملاح من مياه المحيط والتعرف على عيوب ال DNA في المعدات الجينية.
و قد اكتشف كلًا من عالم المعهد الوطني للمعايير والتكنولوجيا Michael Zwolak (مايكل زولاك) و معه Subin Sahu (سوبين ساو) -الذي ينتمي بصورة مشتركة للمعهد الوطني للمعايير والتكنولوجيا ولجامعة ميرلاند (مركز النانو) ولجامعة ولاية أوريجون.- طريقة لمحاكاة أوجه سلوك القناة الأيونية مع مراعاة تفاصيل الكثافة الحسابية كاختلاف المستوى الجزيئي في قياس او شكل القناة.
ويلزم للعبور من خلال قناة الخلية الأيونية، عبارة عن مجموعة من البروتينات ذات مسام لا تتعدى في عرضها بضع ذرات، أن تفقد الأيونات بعض أو كل جزيئات الماء التي ترتبط معها. ومع هذا فإنّ مقدار الطاقة اللازم لأداء ذلك يكونُ عادةً مقدارًا تعجيزيًا وباهظًا. لذلك فإنّ الأيونات تحتاج بعض المساعدات الخارجية. يتم الحصول على هذه المساعدة من القناة الأيونية نفسها والتي تكون مبطنة بجزيئات تحمل شحنات مخالفة بالنسبة لأيوناتٍ معينة، وبالتالي يساعد على جذبها. وفضلاً عن ذلك فإنّ ترتيب هذه الجزيئات المشحونة يوفر توافق أفضل لبعض الأيونات مقارنةً بالأخرى، مما ينشأ عنه مُرشِح شديد الانتقائية. على سبيل المثال فإنّ قنوات أيونية معينة تكون مبطنة بجزيئات سالبة الشحنة موزعة بطريقة معينة بحيث يمكن أن تستوعب أيونات البوتاسيوم بسهولة ولكنها لا تستوعب أيونات الصوديوم.
يريد العلماء فهم انتقائية القنوات الأيونية بشكل أفضل، بالإضافة إلى معرفة كيف تكون وظيفتها في الأنظمة الحيوية وكيف يمكن لعمل هذه القنوات الأيونية أن يشير إلى وسيلة واعدة لهندسة المرشحات غير الحيوية بالنسبة لمجموعة من الاستخدامات الصناعية.
باللجوء إلى نظام أبسط -المسام النانوية للغرافين- قام كل من (زولاك)، (ساو) و(ماسيمليانو) Massimiliano Di Ventra (التابع لجامعة كاليفورنيا، سان دياغو) بمحاكاة الظروف التي تماثل نشاط القنوات الأيونية الحقيقية. على سبيل المثال، فإنّ نماذج المحاكاة التي صنعها فريق البحوث أوضحت لأول مره أنّ المسام النانوية يمكن أن تُصنع لتسمح بمرور بعض الأيونات خلالها عن طريق تغيير قطر المسام النانوية المحفورة على كل رقاقة من الغرافين أو عن طريق إضافة رقاقات. على عكس القنوات الأيونية الحيوية فإنّ هذه الخاصية الانتقائية يكون مصدرها هو انتزاع جزيئات الماء فقط بما يعرف بعملية الإماهة أو نزع الماء.
المسام النانوية الغرافينية سوف تسمح فقط للانتزاع الانتقائي أن يقاس تحت الظروف المختلفة، وهذا إنجاز آخر جديد. نشر الباحثون نتائجهم التي توصلوا إليها في الإصدارات الأخيرة من مجلة Nano Letters and Nanoscale.
في مقتطفين سبق نشرهم تناول كل من زولاك وساهو بعض الأمور بالغة التعقيد في محاكاة تقييد وانتقال الأيونات عبر قنوات المسام النانوية. عندما قام واضعوا النظرية بمحاكاة العملية قاموا باختيار “علبة” ذات حجم معين والتي من خلالها قاموا بأداء تلك نماذج المحاكاة. ربما تكون العلبة أكبر أو أصغر حجماً هذا يعتمد على السعة وتفصيل الأداء الحسابي. وأشار الباحثون إلى أنه إذا تم اختيار الأبعاد الحجمية لنموذج المحاكاة بحيث يكون لها نفس القيمة العددية لتلك النسبة بين عرض الحجم وطوله عندها يمكن لنموذج المحاكاة أن يلتقط تأثير المحلول الأيوني المحيط به وهناك تفاصيل شائكة أخرى كتذبذبات المقياس النانوي في قطر المسام او وجود مجموعات كيميائية تحمل شحنة. هذا الاكتشاف الذي أطلق عليه فريق البحوث اسم “الأبعاد الذهبية المتزنة” Golden aspect ratio لنماذج المحاكاة سوف يبسط بشكل كبير الحسابات اللازمة ويقود إلى فهم أفضل لعمل القنوات الأيونية.

m2pack.biz