الغلو هو طابع الشخصية البارزة

فقرة 2
فقرة 2

2 من أصل 3

وأحيانًا نصف أحد الناس بأنه يمتاز بشخصية لأنه يهدف إلى هدف واحد لا يحيد عنه، فإذا كان تاجرًا فهو لا يفكر في غير التجارة، يحفل رأسه على الدوام بالمشاريع المالية، وهذا الهدف الواحد يحمله على الغلو، فيمثل أمامنا على شخصية بارزة، حتى ولو كان هذا الهدف مخطئًا أو ليس له خطر، وحين يجنح الكاتب إلى فكرة معينة ويثابر على الدفاع عنها، فإن هذه الفكرة – ولو أنها ذهنية وليست إرادية – تكسبه غلوٍّا؛ كما نرى –  مثلًا – في قاسم أمين ومحمد عبده، ولكن يجب ألا ننسى أن المثابرة والدفاع يعودان إلى الإرادة.

ولكن يجب ألا يكون سبيلك إلى الغلو مفتعلًا؛ لأنه – عندئذ – يبدو مصطنعًا لا أصل له؛ لأننا إنما نغلو حين نتحمس، ولكن هذه الحماسة لا تنشأ في نفوسنا ولا تدفعنا إلى الغلو إلا إذا كنا نحب العمل الذي نمارسه، بحيث يطغى حبه على شخصيتنا، ويوجهها إلى هدف لا نحيد عنه.

وبكلمة أخرى نقول إن من يرغب في شخصية بارزة يحتاج قبل كل شيء إلى أن يمارس العمل الذي يهواه عن رغبة واستعداد، وهذه الرغبة تحول دون التفاته إلى مشاغل أخرى، فيتعين له الهدف الذي يجعل كل طاقته تنصب على بلوغه، وهو لأنه يرغب ويهوى سيتحمس، فتكون الإرادة النارية التي تؤدي إلى العزيمة والصبر والثبات والطموح، وكل هذه تؤدي إلى الغلو، إلى الشخصية البارزة.

 

m2pack.biz