الفصل التاسع العالم الداخلي 2من اصل3

الفصل التاسع العالم الداخلي 2من اصل3

الفصل التاسع العالم الداخلى 2 من اصل3
الفصل التاسع العالم الداخلى 2 من اصل3

ويحدس الفلاسفة والمؤمنون بهذه الواقعة حين يؤكدون أن التربية تعجز عن بث الحس الخلقي في الناس، كما تعجز الحياة في المجتمع عن إكسابهم إياه، لأنه ينبع من مصدر أعلى.

وما دام الأنا يعمل بالتوافق مع الأنا الأعلى، فمن العسير التمييز بين تظاهرات كل منهما، غير أن كل توتر وكل سوء تفاهم يمكن إدراكه بوضوح. والعذاب الذي يسببه وخز الضمير يناظر بدقة خوف الطفل من احتمال فقدان الحب، هذا الخوف الذي نابت منابه السلطة الخلقية. ثم إن الأنا حين يفلح في مقاومة إغراء عمل يشجبه الأنا الأعلى يعلو اعتباره في نظر نفسه ويعظم اعتزازه بذاته، كما لو أنه حقق كسباً ثميناً. على هذا النحو يمضي الأنا الأعلى، وإن صار جزءاً من العالم الداخلي، في الاضطلاع العام أمام الأنا بدور العالم الخارجي. ويمثل الأنا الأعلى للفرد طوال حياته أثر طفولته، والعناية والتربية اللتين تلقاهما، وتبعيته لوالديه؛ ولنضف إن هذه الطفولة تمتد عند أكثر الناس من خلال الحياة العائلية. ولا تؤخذ في الحسبان هنا الصفات الشخصية للوالدين وحدها، بل كذلك كل ما أثر فيها تأثيراً ثابتاً، ومشابهاً، ومطالب الوسط الاجتماعي والطبائع والتقاليد العرقية. وأولئك الذين تستهويهم التعميمات والتمييزات المرهفة سيقولون أن العالم الخارجي الذي يتحرك فيه الفرد، بعد افتراقه عن أهله، يمثل قوة الحاضر، وإن الهذا عنده، بميوله الموروثة، يمثل الماضي العضوي، وإن أناه الأعلى، الوافد الجديد، يمثل قبل كل شيء كل الماضي الحضاري الذي يتعين على الطفل أن يحياه مجدداً في سني طفولته القصيرة. ولكن يندر أن تكون تعميمات كهذه صائبة في الأحوال جميعاً. فمن المحقق أن قسماً من المنجزات الحضارية قد خلف أثراً في الهذا ذاته،

m2pack.biz