اللاشعور الاجتماعي 9من اصل9
إن لدى المرء فعلاً الإحساس أنه على حافة الجنون، وإنه لإحساس مزعج جداً مع أنه لا يدوم إلا ثواني قلائل. وستكون لي رجعة فيما بعد إلى المقاومة والمخاوف التي تولد الكبت؛ على أنه لابد بادئ ذي بدء من أن نعالج بعض النواحي الأخرى للشعور.
في المصطلح الخاص بالتحليل النفسي الذي صار في هذه الأثناء شعبياً يتكلم المرء على “اللاشعور” وكأنما هو مكان في داخل الإنسان مثله مثل القبو في أي بيت من البيوت. وتعزز هذا التصور على نحو أشد لما قسم فرويد الشخصية إلى ثلاثة أقسام مشهورة هي: الـــ”هو” والأنا والأنا الأعلى. ويمثل الـــ”هو” حاصل الرغبات الغريزية، ولما أنه ممنوع ومحظور على أكثرها أن تصل إلى ساحة الشعور فإن في وسع المرء أن يضع هذا “الهو” على سوية واحدة مع “اللاشعور”. ويمثل الأنا شخصية الإنسان المنظمة بقدر ما يلاحظ الواقع ويراقبه وتكون وظيفته بأن يقدر الواقع تقديراً واقعياً، بقدر ما يكون هذا ضرورياً للبقاء؛ وفي وسع المرء أن يقول أنه يمثل “الشعور”. وفي إمكان الأنا الأعلى الذي هو دمج لأوامر الأب (والمجتمع) ونواهيهما أن يكون شعورياً ولا شعورياً على سواء ولا تجوز مساواته باللاشعور أو بالشعور. ولا يشك أن الاستعمال الطوبوغرافي لمفهوم اللاشعور سيزداد تعزيزاً بالميل العام للعصر إلى أن يفكر بمفهومات الحيازة والملك (حيث إننا سنعود فيما بعد إلى هذا الموضوع في هذا الفصل). واليوم يقول الناس إن عندهم أرقاً عوض من أن يقولوا إنهم مكتئبون منقبضو الصدر. وبذلك فإن لديهم سيارة وبيتاً وطفلاً مثلما لديهم مشكلة وإحساس ومحلل نفساني- ولا شعور.