1من أصل 2
ظلت ماريا تعاودها النوبات على فترات متقطعة ثم دخلت حالتها كلها في مرحلة جديدة بعد نحو ثلاثة أشهر، فقد أصابتها حالة ساحقة من الهلع. حالة كانت تشبه النوبات السابقة، ولكنها كانت أكثر سوءا، وأشد رعبا.
كانت تشتري حاجاتها من السوق عندما طغت عليها النوبة. ولم يكن قد حدث في هذا المساء شيء خاص. كما لم تتعرض لما يسوء في ذلك اليوم حتى يعكر صفوها.
وكانت قد خرجت لمشاهدة واجهات المحلات على أمل أن تجد “فستانا” تلبسه في حفل تذهب إليه مع آدم. كانت تريد أن تبدو في أبهى صورة. وفجأة وعلى غير توقع وبدون سبب ظاهر مباشر تمتلكها موجة الهلع، وبدا أن كل شيء يفلت من سيطرتها بسرعة، ومن قبل لأن تجمع شتات فكرها للصمود أمام هذه الهجمة الضارية. وبدا الأمر كأن النوبات السابقة جميعا قد اجتمعت كلها عليها بأقصى ما فيها من قوة.
واستولى الحال على عقلها إلى حد زاغ معه بصرها. وأصبح كل شيء باهتا منفصلا، وأحست كأن قلبها يود الإفلات من صدرها. وشعرت بدوخة شديدة وخفة في الدماغ، واختل توازنها. وتحولت سيقانها هلامية رخوة وبدت أنوار المصابيح شديدة التوهج، وشعرت كأن حساسيتها للأصوات قد زادت حدة. ولاحظت أنها ترتجف، أنها عاجزة عن السيطرة على ارتجافها بينما كانت حبات العرق تنضح على جلدها. وأصابها قصور حاد في التنفس كما زاد إحساسها بضيق في الصدر مما اضطرارها إلى أن تفتح فمها بأكمله التماسا للهواء. وشعرت أنها لا بد مختنقة إن لم تجذب من الهواء أنفاسا بسرعة.