الملح بموّت، والسكّر كمان

الملح بموّت، والسكّر كمان

الملح بموّت، والسكّر كمان

عندما دخل أبو عزو داره حاملاً الخبز في يسراه، وكيسي ملح وسكر في يمناه.. كانت زوجته -كما هي العادة منذ زوجّا ابنهما الصغير- قد انتهت للتو من إعداد الفطور، وجلست بانتظاره. وعندما استغربت من إحضاره سكراً وملحاً، قال لها:
بشان لما قلّك جيبيلي سكر أو ملح ما تتحجّجي وتقولي خلصوا.
ابتسمت أم عزو، وقالت:
يا رجّال، أنت عندك سكر وضغط، والملح بيرفع الضغط، يعني الملح بموّت، والسكر كمان.. ما هيك قلّك الدكتور؟
لم يكن أبو عزو يصيخ السمع إلى محاضرتها التي تسمعه إياها يومياً عدة مرات، بل كان يتذوق الشاي والبيض المسلوق ثم قال:
الشاي سكرو مزبوط، بس البيض ناقصو ملح. روحي عالمطبخ، ودّي الكيسين، وحطّي شوية ملح بالمملحة.
حاولت أن تتملص قائلة:
المطبخ بعيد، ورجليّ وجعوني من الروحة والجية.
معليش المشي رياضة، ما هيك أنت بتقولي؟
عندما وقفت أم عزو، كان ثمة ضابط في مكان ما قد انتهى من وضع السكر على كأس المتة، وأمر جندياً بتسخين الإبريق، وأمر آخر بإطلاق القذيفة التي وصلت تماماً المطبخ في نفس اللحظة التي سكبت فيها أم عزو آخر ذرة ملح في المملحة.
-2-
ثلاثة أيام قضاها أبو عزو مرغماً في بيت ابنه الكبير حيث أقيمت مراسم العزاء.. لم ينطق خلالها إلا عندما يردّ على معزيه بجملة واحدة فقط ‘الملح بموّت’.. في اليوم الرابع ذهب أبو عزو إلى بيته في غفلة من الجميع.. لم يحمل معه خبزاً ولا ملحاً ولا سكراً، ولم تكن زوجته بانتظاره.. وقف على أطلال المطبخ يبكي زوجته، ويردد: ‘سامحينني.. أنا السبب.. قلتيلي الملح بموّت.. بس ما فهمت’.. وبعد أن هدأ قليلاً لاحظ رتلاً من النمل يحمل ذرات بيضاء، أدرك أنها سكر في نفس اللحظة التي رشف فيها الضابط كأسه بعد أن أعطى أمراً بالإطلاق.
-3-
-4-
-…..-
*استشهدت شمسة عثمان بتاريخ 24/9/2012 واستشهد زوجها سليم عز الدين بتاريخ 6/10/2012
مؤلمة و تحاكي الواقع بمهارة عالية

m2pack.biz