بعد صفقات استحواذ عملاقة… الشرق الأوسط أفضل مكان للشركات الناشئة

بعد صفقات استحواذ عملاقة… الشرق الأوسط أفضل مكان للشركات الناشئة…

منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والّتي تُختصر اقتصاديًّا بكلمة (المينا MENA) منطقة متوترة بشكل دائم، والمشاكل لا تفارقها، وبالتالي يذهب العديد من المراقبين الخارجيين إلى التقليل من شأن هذه المنطقة باعتبارها منطقة اقتصاديّة متناميّة. مع ذلك يؤمن آخرون بأنّ هنالك نهضة اقتصادية تلوح بالأفق، وما نراه اليوم ما هو إلّا مؤشرات ودلائل على قدوم هذه النهضة. نسوق لكم اليوم بعض الأسباب والأرقام الّتي تؤكّد على احتمالية قيام هذه النهضة.

استحواذات وثورة في الشركات الناشئة

أخبار استحواذ الشركات العملاقة لشركات في منطقة المينا تتزايد بوتيرة واضحة، فقبل أشهر قليلة استحوذت العملاقة أمازون على سوق كوم بصفقة من أكبر صفقات الاستحواذ في المنطقة عمومًا، ولم يذكر كلا الطرفان قيمة الاستحواذ بالضبط إلّا أنّ القيمة قريبة جدًا من 800 مليون دولار أمريكي.

هنالك قصص استحواذ أُخرى في المنطقة كقصة استحواذ شركة روكيت انترنت الألمانيّة على موقع طلبات، واستحواذ شركة Peak Games التركية على موقع كملنا، وغيرها الكثير. يمكنكم قراءة قصص هذه الاستحواذات مع المزيد من القصص الأُخرى في هذه المقالة.

ليست فقط أخبار الاستحواذات هي من تبهر، ولكن وضع الشركات الناشئة ككل في منطقة المينا يُبشر بالخير حيث كشفت الأبحاث التي أجراها مؤخرًا مركز MAGNiTT عن إحصاءات مثيرة للاهتمام حول النظام البيئي التكنولوجيّ في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. حيث بيّنت هذه الإحصاءات أنّ المنطقة تملك الآن أكثر من 3000 شركة ناشئة وفصّل مركز MAGNiTT في قصص أكبر 100 شركة ناشئة في المنطقة، وإليكم الأرقام.

تشير التقديرات إلى أنّ هناك حوالي 870 مليون دولار أمريكي كاستثمار في الشركات الناشئة في العام الماضي فقط. أمّا أكبر 100 شركة ناشئة فقد جمعت معًا أكثر من 1.42 مليار دولار أمريكي كتمويل كليّ (ليس في العام الماضي فقط)، بحيث أنّ كلّ شركة ناشئة _من هذه المئة_ على حِدى حصلت على أكثر من 500،000 دولار.

وجدت الأبحاث أيضًا أنّ مؤسسي أكبر 100 شركة ناشئة يملكون 9 سنوات من الخبرة على الأقل قبل إطلاقهم لشركاتهم الناشئة. أمّا على صعيد عدد المؤسسين، فقد أنشأ مؤسس وحيد 40٪ من الشركات في حين أنّ 39٪ أطلقها مؤسسان. من حيث التنوع، 12٪ من المؤسسات الناجحات هنّ من الإناث وهي نسبة ممتازة بالمقارنة مع نسبة 15٪ في الاتحاد الأوروبي و 17٪ في الولايات المتحدة. كما وجدت الأبحاث أنّ الإمارات لها حصة الأسد في استضافة الشركات الناشئة، حيث تستضيف 50٪ من الشركات الناشئة الكبرى في المنطقة.

خلفيات المؤسسين الدراسية تنوعت بين إدارة الأعمال والاستشارات الإداريّة والدراسات المصرفيّة وغيرها وتُؤكد النسب على ذلك. فنسبة قدرها 41٪ من مؤسسي الشركات الناشئة تخرجوا مع ماجستير إدارة الأعمال من الجامعات والمعاهد العالميّة الكُبرى المختلفة بما في ذلك جامعة (هارفارد_ بريطانيا)، ومعهد (إنسياد_فرنسا)، و(كلية لندن للأعمال_ بريطانيا)، ونسبة 35٪ من المؤسسين مع دراسات في الاستشارات الإدارية والمصرفية.

ينتمي نحو 68٪ من المؤسسين للشرق الأوسط، والعديد منهم يحملون جنسية مزدوجة. من حيث المنشأ، 38٪ من المؤسسين البالغ عددهم 100 مؤسس من لبنان والأردن مع أنّ 16٪ فقط من الشركات الناشئة يوجد مقرها في هذيّن البلدين (حيث قلنا أنّ الإمارات استحوذت على النسبة الأكبر)، وهذا يدل على أنّ الإمارات عمومًا ودبي خصوصًا أصبحت الوجهة الأولى لرواد الأعمال في المنطقة.
قوة شرائية لا بأس بها

بالتأكيد لا تملك كل دول منطقة المنطقة هذه القوة الشرائية الّتي نتحدث عنها، ولكن إذا اختصرنا منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بأنّها دول مجلس التعاون الخليجي الستة، بالإضافة إلى مصر ولبنان والأردن فقط، فسنجد كميّات كبيرة من المستهلكين. ففي هذه المنطقة يوجد حوالي 160 مليون إنسان: 85 مليون منهم لديهم إنترنت بشكل دائم و50 مليون منهم يعتبرون مستهلكين رقميين دائمين مع قوة شرائيّة هائلة، وهذه الإحصائيات وفقًا لبيكو كابيتال. وتزداد هذه الأرقام بشكل دائم مع التطور الدائم للبلدان المذكورة.

تُعتبِر هذه البلدان كذلك بلدان فتيّة بمعنى أنّ نسبة الشباب فيها كبيرة جدًا مقارنةً مع الدول الأُخرى. هؤلاء الشباب يقدّرون بخمسين مليون وهم متعلمون وأثرياء وأغلبهم يملكون هواتف ذكيّة ودائمي الاتصال بالإنترنت، وهي نسبة هائلة جدًا إذا ما قارنتها مثلًا بالهند ، فحاملي بطاقات الائتمانية هناك يقدّرون بين 20 مليون و30 مليون مع أقل من 12،000 $ كسيولة، وهي نسبة ضئيلة بالنسبة لأكثر من مليار شخص يعيش في الهند.
فرصة هائلة للنمو في المستقبل

حوالي 8٪ من الشركات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لديها وجود رقمي (في الولايات المتحدة النسبة تساوي 80٪)، في حين أنّ 1.5٪ من مبيعات التجزئة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فقط يتم التعامل معها رقميًّا. هذه الأرقام تعني أنّ هناك الكثير من فرص النمو في المستقبل حتى نقترب من نسب الولايات المتحدة مثلًا أو حتى نصف هذه النسب.

كما أنّ السوق الرقمي سيكون محور اقتصادي مهم، حيث تشير التوقّعات أنّ هذا السوق سيضيف تقريبًا 95 مليار دولار في الناتج المحلي الإجمالي السنوي بحلول عام 2020، حيث أنّ كل وظيفة رقمية تخلق 2-4 فرص عمل.

الخلاصة

كما ترون فإنّ الأسباب التي ذكرناها كانتعاش وضع الشركات الناشئة، والقوة الشرائيّة، وفرص النموّ تثبت أنّ منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في طريقها إلى التحول إلى نظام بيئي ممتاز للشركات الناشئة وروّاد الأعمال، وذلك على الرغم من الوضع المتوتر في المنطقة.

m2pack.biz