بعض الملاحظات التمهيدية الشخصية 2من اصل3
لم أكن قد سمعت آنذاك شيئاً عن عقدة أوديب أو عن التثبيت (Fixierung) الخاص بسفاح القربي بين الابنة والأب. على أنني صعقت. وكنت شعرت بميل شديد إلى المرأة الشابة وكرهت الأب الذي كان ضعيف الجاذبية. ولم يسبق لي أن عرفت شخصاً كان قد انتحر. ووثبت الفكرة إلى ذهني: “كيف يمكن أن يكون شيء كهذا؟ كيف يمكن أن تهوى امرأة شابة جميلة أباها بحيث إنها تؤثر قبراً في جواره على مسرات الحياة والرسم؟”.
وطبيعي أنني لم أجد جواباً على هذه الأسئلة؛ على أن السؤال: “كيف يمكن أن يكون شيء كهذا؟” بقي مطبوعا في الذهن. وحين صرت على معرفة بنظريات فرويد بدت لي أنها تستطيع أن تقدم لي الجواب على حادثة غامضة مرعبة مرت بي في شبابي.
وكان لاهتمامي بأفكار ماركس منشأ آخر. لقد نشأت وترعرعت في أسرة يهودية متدنية، ولقد أثرت في كتب العهد القديم كلها وفتنتني أكثر من أي شيء آخر مر بي. على أن هذا الاهتمام لم ينطبق على كتب العهد القديم كلها بنفس المقدار. لذلك أملتني وأضجرتني قصة فتح العبريين لكنعان، بل إنها نفرتني منها. ولم أعرف كيف أبدأ بقصة مردخاي واستير. كما أنني لم أستطع أن أقدر آنذاك نشيد الإنشاد أيضاً. على أن قصص عصيان آدم وحواء وصراع إبراهيم مع الرب من أجل إنقاذ سكان سدوم وعمورة وإرسال يونس (يونان) إلى نينوي وتفاصيل أخرى كثيرة في الكتاب المقدس، كل هذا استأسر قلبي. على أن أكثر ما أثر في كانت كتب الأنبياء أشعياء وعاموس وهوشع، لا بسبب إنذاراتهم وتنبؤاتهم بالهلاك، بل بسبب وعدهم بيوم الحساب، يوم يطبع الشعوب “سيوفهم سككا وحرابهم مناجل” (اشعياء 2، 4)؛ ويوم يصدق الوعد: “فلا ترفع أمة على أمة سيفاً ولا يتعلمون الحرب في ما بعد” (أشعياء، 4، 2)؛ يوم تكون الشعوب كلها أصدقاء “إذ أن الأرض تمتلئ بمعرفة الرب كما يمتلئ البحر بالماء” (اشعياء 11، 9).