بعض الملاحظات التمهيدية الشخصية 3من اصل3

بعض الملاحظات التمهيدية الشخصية 3من اصل3

بعض الملاحظات التمهيدية الشخصية 3 من اصل 3
بعض الملاحظات التمهيدية الشخصية 3 من اصل 3

ولقد حركت مشاعري رؤيا سلام عالمي وفكرة انسجام ووئام بين كل الشعوب لما كنت في نحو الثانية أو الثالثة عشرة من العمر. والسبب لهذا الاهتمام بفكرة السلام والعالمية يمكن البحث عنه في الموقف الذي وجدت فيه نفسي آنذاك: إذ كنت صبياً يهودياً في بيئة مسيحية، وكنت أمر بين الحين والحين بتجارب مع اللاسامية؛ والأهم من ذلك أنني أحسست بالغربة والتمييز المتحيز الضيق تجاه ناس من جنس آخر على كلا الجانبيين. واستقبحت هذا التحيز وضيق الأفق أكثر فأكثر لما امتلأت نفسي بالرغبة الغامرة في أن أخرج من العزلة العاطفية لصبي وحيد مدلل. وأي شيء كان يمكن أ، يكون أجمل وأكثر إثارة من الرؤيا النبوية لتآخي البشر كلهم ولسلام شامل؟

ولعل هذه التجارب الشخصية كلها ما كانت لتؤثر في تأثيراً عميقاً وبليغاً لولا الحادثة التي حددت تطوري أمثر من أي شيء آخر: ألا وهي الحرب العالمية الأولى. فلما نشبت هذه الحرب في صيف 1914 كنت صبياً في الرابعة عشرة أثر فيه هيجان هذه الحرب والاحتفالات بالنصر ومأساة موت بعض الجنود الذين عرفتهم شخصياً أكثر ما أثر في أي شيء آخر. إن مشكلة الحرب في حد ذاتها لم تهمني. ولم يكن قلبي تفتح بعد على وحشيتها الجنونية. على أنه سرعان ما تغير كل شيء وكان لبعض تجاربي مع أساتذتي نصيبها في ذلك أيضاً. فأستاذ اللاتينية الذي كان نادى في كلتا السنتين اللتين سبقتا الحرب في حصصه الدراسية بالشعار: (“إذا أردت الحرب فكن مستعداً للحرب”- فيفيتيوس ريناتوس) باعتباره شعاره هو، كان متحمساً لما شبت نيران الحرب. ولاحظت الآن أن همه الظاهري المزعوم على حفظ السلام لا يمكن أن يكون صادقاً. فكيف كان ممكناً أن رجلاً بدا أن حفظ السلام كان يهمه كثيراً راح يفرح الآن ويبتهج للحرب؟ ومن هنا صعب علي أن أصدق أن التسلح يخدم السلام حتى لو ذاد عن ذلك ناس عندهم من حسن النية والاستقامة والصدق أكثر بكثير مما لدى أستاذ اللاتينية السابق.

m2pack.biz