بعض الملاحظات التمهيدية الشخصية 8من اصل8

بعض الملاحظات التمهيدية الشخصية 8من اصل8

بعض الملاحظات التمهيدية الشخصية 8 من اصل 8
بعض الملاحظات التمهيدية الشخصية 8 من اصل 8

ولكن لو أنني لم أعمل بالسياسة على نحو فعال فإنني، مع هذا، لم أستمد أفكاري الاجتماعية من الكتب فحسب. فلولا ماركس وإلى حد قليل لولا آخرون ممن مهدوا لعلم الاجتماعي لافتقر تفكيري إلى دوافع وحوافز مهمة. على أن المرحلة التاريخية. على أن المرحلة التاريخية التي عشت فيها كانت لي مختبراً اجتماعياً لم يتعطل قط. فالحرب العالمية الأولى والثورة الألمانية والروسية وانتصار الفاشية في إيطاليا وانتصار النازية المقترب تدريجياً في ألمانيا وسقوط الثورة الروسية وانحطاطها والحرب الأهلية الإسبانية والحرب العالمية الثانية، هذا كله قدم لي حقلاً للملاحظات التجريبية مكنني من وضع فرضيات والتحقق من صحتها أو بطلانها. ولما أنه كان لدي اهتمام جارف بأن أفهم حوادث سياسية وقلت لنفسي المرة تلو المرة أنني لا أصلح لأن أكون فعالاً بحكم مزاجي فقد كانت لدي موضوعية معينة حتى لو لم تكن تلك الحماسة أو الحدة التي يعدها بعض علماء السياسة شرطاً للموضوعية. وحاولت إلى الآن أن أشرك القارئ ببعض التجارب والأفكار التي جعلتني أحب وأتقبل أفكار فرويد وماركس في العشرينات. ولا أريد في الصفحات التالية أن أعرض لتطوري الشخصي، بل أود أن أتكلم على أفكار فرويد وماركس وعلى تصوراتهما النظرية وعلى التناقضات بينهما وعلى الكيفية التي يستطيع المرء أن يتوصل بها، بحسب رأيي، إلى تركيب حين يحاول أن يفهم هذه التناقضات ويلغيها.

على أنني أود أن أقول شيئاً آخر قبل البدء بمناقشة مذهب كل من ماركس وفرويد. فلقد كان ماركس وفرويد وآينشتاين أيضاً بناة العصر الحديث. وكان الثلاثة مشربين بعقيدة بنية الواقع المنظمة تنظيماً مبدئياً. فلم يروا في علم الطبيعة التي يشكل الإنسان جزءاً منها أسراراً يجب اكتشافها فحسب، بل نماذج وخططاً كان ينبغي البحث عنها. وعلى هذا شارك كل منهم، على طريقته الخاصة، بعمله من أجل الفنون والعلوم التي تتجلى فيها رغبة الإنسان في الفهم وحاجته إلى المعرفة. وأود أن أتفرغ في هذا الكتاب لماركس وفرويد.

m2pack.biz