بين السماء والبحر
¡ هناء مكاوي
2من اصل3
وكان لابد في البدء من هدم بعض الجدران وتفكيك بعض الأسقف الثانوية وإعادة تنظيم الغرف وكانت هذه البداية كافية للإعلان عن مفاجأة وهي اكتشاف التصميم الأصلي للمنزل الذي يضم «تراس» لم يكن ملحوظاً كان عبارة عن مساحة يتم استغلالها كمعبر بين الكنيسة والدير. أسقف مرتفعة وجدران بعضها مغطى بجداريات قديمة يطغى عليها اللون الأزرق وبلاطات موزعة بعناية شديدة وأرشات تعود للقرن السابع عشر. هكذا تعرف المنزل عن أصوله وحانت لحظة إعادة التأهيل. تم استخدام الجدران والأرض غير المستوية كعنصر أساسي في التصميم، كذلك الأبواب القديمة ظلت في أماكنها بعد تنظيفها كما تم تصليح المدفأة الرخامية القديمة.
أما التراس القديم فتم توظيفه كمطبخ وتم نقل البلاطات القديمة إلى الحمام. أما على مستوى الديكور فقد استوحاه المصمم من أجواء السبعينيات واعتمد على القطع المعاصرة بعدد قليل وأحجام صغيرة. ولن نندهش إذا رأينا أعواداً خشبية أو أسياخاً حديدية أو حتى مواسير الصرف تبرز من ال
سقف أو من أحد الجدران، فالتصميم هو أبعد ما يكون عن «المنمق»، ومع ذلك فإن هذا هو ما يزيد سحره.
جاء التصميم رضيقاً بدون أي تكلف ما أعطى للمكان راحة نشعر معها بخفة الهواء من حولنا وكأن المنزل يتنفس ونحن معه. فقد اعتمد المصمم على الفراغ والبراح كجزء أساسي ذي أولوية قصوى، حتى الأعمال الفنية موضوعة بحذر دون بهرجة. فلا يوجد أي بذخ بالمرة في كم الأشياء ولا نوعها لذلك يأتي الإبهار من التأثير وليس من الأشياء، تماماً مثل مشاهدة راقصة الباليه التي تقدم بمنتهى البساطة والرقة فناً راقياً يسمو بالروح والنفس. توزيع الألوان أيضاً تم بسلاسة وبشكل محدود للغاية.
غلف اللون الأبيض المكان مع بعض الرتوش الموزعة بشكل عشوائي من الأزرق وتم تغطية الجدران بالجير في لمسة تظهر حرص المصمم على- عدم فصل المنزل عن أصوله. هكذا أصبح المنزل بلونيه الأبيض والأزرق بجميع درجاته، يبدو كمرآة تعكس ألوان السماء والبحر كأنه لؤلؤة ألقتها الأمواج على الشاطئ أو قطعة وقعت من السماء.