بين القيم والحوادث8من اصل8
ولم يكن إباؤه ضنًا بشيء تحتويه، فلا شيء أغلى من الحياة وقد هانت عليه. ولا يزعم أحد أنه غنم من الخلافة مالًا، بل يتفق المؤرخون على أنه ترك الدنيا وماله أقل مما كان لديه يوم ولي الخلافة، ولكنه أبى أن يخلع نفسه حذرًا من أن يحمل جريرة الخلع وما يعقبه من النزاع والقتال، وقد صرح بذلك غير مرة فقال إنه يخشى على الذين يستطيلون أيامه أن يتمنوا بعده لو كان يومه مائة سنة، فلا يبوءن بالعاقبة المحذورة وهو مختار.
فإذا تركنا الحوادث جانبًا ونظرنا إلى التاريخ في صدر الاسلام على أنه تاريخ قيم ومبادئ، فلنا أن نقول اننا أمام فواجع مؤلمة يود الناظر إليها لو يزوي بصره عنها، وليس لنا أن نقول اننا أمام صدمة يصطدم بها من يسأل عن أثر العقيدة وأطوارها، فلا صدمة هناك إذا نحن وزنا الحوادث بميزان القيم، وعلمنا أن التاريخ لن يخلو من الحوادث، وأن حوادث الخلاف ليست بأكبر الشرور التي تبتلى بها ضمائر بني الانسان.