تحتَ جَفنيكْ

تحتَ جَفنيكْ

تحتَ جَفنيكْ

ألأنهار ما عادت تسألنا
وزّعتنا على حروف أبجديتها
سلّمتنا للحَمَام
يشربُ من دمعنا
مِن شمال الأرضْ حتى جنوب النّدمْ
فهلْ فرَغَت أبواقُ الشقاء مِن شقِّ الرّوح
كما لو أنّها رحى
تصحو على طعم الغياب؟
هل نكتفي بالزحف وراء ظِّلِّ أعوج
ما بين الصورةِ والرّسم المُظَّلل
على طول طريق مُمَغنَط بالشحوب
أم نكتفي بالدوران حول أفواهِنا
ما بين الفجر
وآخر المساء؟
رغوة التحليقْ
مِن بعد انكسار الصوت في معدِن الليل
تركتْ بصمَتَنا فوق الوسادة
أقلقتنا
وما مِن سبيل لكي تُمحى بأخطائِنا.
هذا ليس اختياراً لكفِّ الرؤى في ساعة الاشتباك
لمَ لا يكون احتكاكاً لسماء الجوع بسياج القهقهات
أو اهتزاز الثريا أمَام عينٍ مُغمضة.
الضلوع باردة في بركة الفولاذ
وإنْ مدّت لسان التوجّس في سماء مِن فخارْ.
دمُ الأصابع يراقب الباب
يحملهُ مركبٌ إسمنتي
تحت زخاتٍ من رصاص
فهل فَرَغت أبواقُ الشقاء
أمْ تلكأتَ في استعادة النَّغم
أمْ أن أصواتنا انداحت على رمل الصحارى؟
أقلَقَتْنا معزوفة الدوران
واختنقت براءتنا فوق التراب
هكذا التفتْنا بالحشرجة من صحراء إلى صحراءْ
وما سمعنا سقوط الضباب الوثني
بين الثياب الزنِخَة لقوافل الرحيل صوب البحر.
بعد أن تثلّمت مفاتيحُ المُوَاءمَة ما بين الأزيز والنحيب
ابتدأت معزوفة القلعْ بين ازقةٍ مرقّطة بالجوع
فهل ستحدث معجزات في معدن الصوت الهَرِم للأبواق
أمْ ستبقى ترنيمة من نحاس تَسلُّ الأوتار من حناجر ملقاة فوق الحَجَر
أمْ سنكتفي بالدوران حول أفواهنا؟
ها أنتَ لمْ تتّعِظْ
مازلْتَ كما أنتْ
تعبثُ بالنار
تُخبئّها تحت جفنيك
تنزف أسئلة
ما بين التراب والدَّم.
أين هم أترابك
لا ظلال لهم على خطوط كفيّك
وأنت تمضي بين ضجيج الجموع
تعُضُّ الكلمات
ما بين رأسك والفم المغلق
هناك ضاعوا فوق موائد دبقة
غيَّروا حروف أبجديتهم
تزحلقوا على مرمر أجساد بلا شمس.
لن تفرغَ أبواق الشقاء من العَزف تحت الأظافر حتى تَنْخلِع
وأنا مازلتُ أعبث بالنار
أخبئها أسئلة تحت جفنيّ.
رأسي يقذف بي
أتتبع أثر الصوت
واكتئاب الظُفر النّابت في سماء الروح.
مسكونٌ بالنار
منفيٌ مِن أضلاع النهر
أشقُّ طريقي خطأً أكثر من مرة.
حين تلكَّأنا في استعادة النّغم
أختنقتْ براءتُنا
وتثّلمتْ مفاتيحُ المواءمة في بركة فولاذ.
ها أنت لم تتعظ
مازِلْتَ تُخَمِّنُ رجوع الصوت
تعبثُ بالنار تحت جفنيك
بينما الصورة تدحرجت
ما بين التراب والدَّم
والغيم على كتفيك يرتمي بلا رائحة.
فهل فرَغَت أبواق الشقاء
أمْ تلكأتَ في استعادة النَّغم؟
شاعر عراقي
مروان ياسين الدليمي

m2pack.biz