جثمانا الأديبة آسيا جبار والفنان روجي هانان يواريان الثرى في الجزائر
الجزائر «القدس العربي»: شيع جثمان الكاتبة الجزائرية آسيا جبار إلى مثواها الأخير، بمقبرة شرشال مسقط رأسها، كما ووري جثمان الفنان الفرنسي روجيه هانان التراب في مقبرة بولوغين، وسط حضور رسمي وشعبي لتوديع هذا الفنان الذي كان قبلها دائما في الجزائر.
وكان جثمان الكاتبة آسيا جبار قد وصل إلى الجزائر من باريس أمس الأول، إذ سجي بقصر الثقافة لإلقاء النظرة الأخيرة عليها، بحضور وزيرة الثقافة نادية لعبيدي، وعدد من الشخصيات الثقافية، وكذل سفير فرنسا في الجزائر.
وقالت الكاتبة والوزيرة السابقة زهور ونيسي ل»القدس العربي» إن آسيا جبار كانت تعاني من اغتراب جغرافي وثقافي، لكن روحها ظلت جزائرية، وكانت دائما مشغولة بهموم المرأة الجزائرية، حتى وإن كانت تكتب باللغة الفرنسية، لكن محتوى كتاباتها كان جزائريا، عربيا وإسلاميا، وتجربتها في الحياة أعطتها زخما للكتابة عن المرأة وعن الرجل أيضا، وإنها كتبت مرة أن الإنسان والذاكرة مثل المرأة والمرآة، وأكدت على أن آسيا جبار كانت كاتبة من طراز راق، وأنها حملت الأدب الجزائري إلى العالمية، وأنها رغم الاغتراب الذي عاشته طوال حياتها، إلا أنها أوصت بأن تدفن في مسقط رأسها بمدينة شرشال.
من جهته قال الوزير السابق ورئيس المجلس الأعلى للغة العربية عز الدين ميهوبي إن آسيا جبار كانت تستحق الفوز بجائزة نوبل للأدب، وأن هذه الجائزة حامت أكثر من مرة حول الكاتبة الجزائرية، لكن المعايير التي تمنح على أساسها الجائزة أغمطت حق آسيا جبار في الفوز بها، خاصة وأنه يتم تفضيل الكتاب الذي يكتبون بلغتهم الأصلية، في حين أن آسيا جبار كانت تكتب باللغة الفرنسية.
واعتبر ميهوبي أنه حان الوقت أن تقوم وزارة الثقافة بترجمة أعمال الكاتبة آسيا جبار، وكذا الأمر بالنسبة لكل الكتاب الذين وصلوا إلى العالمية، والذين يستحقون أن تعتز الأجيال القادمة بما حققوه، معتبرا أن التأخر في ترجمة أعمال آسيا جبار لا يعود لتماطل أو تقاعس من الجانب الجزائري، وإنما السبب قد يكون ارتفاع حقوق النشر، والتي لا يقدر عليها الناشرون الجزائريون.
ووري جثمان الكاتبة آسيا جبار التراب أمس الجمعة بمقبرة شرشال وسط حضور عدد من الشخصيات السياسية، مثل علي بن فليس رئيس الحكومة الأسبق، والوزير السابق كمال بوشامة، والذي أكد على أن آسيا جبار لم تمت، لأنها خلفت وراءها رصيدا كبيرا من الكتب والأفلام، وأنه برحيلها يكون الأدب الجزائري والعالمي قد خسرا امرأة عظيمة.
وبالمقابل وصل جثمان الفنان الفرنسي الراحل روجيه هانان إلى العاصمة الجزائرية بعد وفاته بفرنسا، وذلك تنفيذا لوصيته بأن يدفن بالجزائر، وسط جدل أثاره تداول خبر بشأن إرسال الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لطائرته الرئاسية الخاصة من أجل جلب جثمان الفنان الراحل، وهي المعلومة التي نفتها مصادر مقربة من الرئاسة، في حين أن وكالة الأنباء الرسمية غردت خارج السرب بالتأكيد على أن الفنان سيدفن بمدينة قسنطينة.
وجرت مراسم الدفن بعيدا عن أعين الصحافة، وكذا العشرات من الجزائريين الذين حضروا لتوديع الفنان الفرنسي، الذين اعتبروا أنه جزائري أكثر من كونه فرنسيا، فوالده كان مناضلا في الحزب الشيوعي الجزائري، وكانت العائلة إلى جانب الشعب الجزائري في معركته من أجل نيل استقلاله.
وقال المواطن عبد القادر كريبي إن الفنان الراحل كان دائم التردد على الجزائر، وإنه كان يحن إلى الفترة التي عاشها في الجزائر، كما أن والدته لم ترحل مع رحيل الاستعمار الفرنسي وبقيت في الجزائر إلى غاية بداية التسعينيات، وإن روجيه هانان الذين عرف بأدائه دور المفتش نافارو كان يزورها باستمرار، وبقي على علاقة مع أصدقائه القدامى في حيي القصبة وباب الوادي.
ورغم منعهم من الدخول، إلا أن المواطنين بقوا أمام مدخل المقبرة يسترقون النظر إلى داخل المقبرة، ولما ظهر جثمان الفنان الراحل قبيل دفنه تعالت بعض الزغاريد، وكذا التصفيقات من المواطنين الذين استاءوا بسبب منعهم من دخول المقبرة.
من جهته قال المخرج الفرنسي ألكسندر أركادي صديق الفنان الراحل والذي رافق جثمانه من باريس إلى الجزائر، إن روجيه اختار أن يدفن بأرض الجزائر، وإن هذه الوصية لم تكن غريبة عليه، بسبب ارتباطه الوثيق بهذا البلد، مؤكدا على أن روجي كان ابن الجزائر، ومن الطبيعي أن يختار بأن يدفن بأرضها.
واعتبر المخرج أركادي أنه يصعب عليه ترك روجيه هانان ويرحل، ولكنه يدرك بأن الجزائريين سيحتضنونه، ويشملونه برعايتهم ويزورونه باستمرار.