حدائق بابل المعلقة . يا ليت التاريخ يعود يوماً

حدائق بابل المعلقة… يا ليت التاريخ يعود يوماً

حدائق بابل المعلقة... يا ليت التاريخ يعود يوماً

ليس غريب أن يصنع الحب المعجزات، فقد اعتدنا سماع روايات عديدة عن العشق الحقيقي الذي يدفع بحبيبين الى تحدي حتى الطبيعة لخلق بيئة مناسبة للحب. وهذا فعلاً ما تقوله الأسطورة عن حدائق بابل المعلقة، حيث قام الملك العظيم نبوخذ نصر بالمستحيل لإرضاء زوجته سميراميس التي تربعت على عرش قلبه، فخلق لها وسط الصحراء حديقة، ليست ككل الحدائق، بل قصرًا مكسوًّا بالأشجار الفريدة.
وإستطاع هذا البناء أن يكون من عجائب الدنيا السبعة في العصر القديم، الا أن التغيرات المناخية، والجغرافية اخفت معالمه، ولكن نفحتها بقيت في تاريخ منطقة بابل. اذاً سنبحر معًا عبر عالم من الجمال، التاريخ والأصالة، كي نعيد حقبة مرّت بها تلك المنطقة، ونتحسّر على فقدانها، فيا ليت الجنائن المعلقة تعود للحظات فقط كي نتمتع بالنظر اليها وليس فقط تخيلها والقراءة عنها.
مدينة بابل
على ضفاف نهري الدجلة والفرات، وعلى يد السومريون أقيمت واحدة من أكبر الحضارات رقيًا في العالم القديم، هي “باب الاله”، أو ما يعرف اليوم بمدينة بابل المشهورة بحدائقها المعلقة. فهي من إحدى عجائب الدنيا السبع في العالم القديم، وهي العجيبة الوحيدة التي يُظن بأنها أسطورة، فحدائق بابل ليست العجيبة الوحيدة التي كانت موجودة في المدينة، بل كانت أسوار المدينة والمسلة التي نسبت إلى الملكة سميراميس أيضاً من عجائب بابل.
جمال وسط كآبة صحراوية
كانت اذاً حدائق بابل المعلقة شهادة على قدرة رجل واحد إلى خلق واحة نباتية من الجمال وسط كآبة منظر صحراوي، ضدّ كلّ قوانين الطبيعة. أوجد الملك نبوخذ نصّر الحدائق كعلامة إحترام لزوجته سميراميس التي، بحسب الأسطورة، إشتاقت إلى غابات وورود وطنها. كانت الحدائق وسطية ومحاطة بحيطان المدينة وبخندق مائي لصدّ الجيوش الغازية.
الحدائق
كان يبلغ ارتفاع حدائق بابل 328 قدماً، أي 100 متراً، وهو ما يعادل 4/3 ارتفاع الهرم الأكبر. وأحيطت بسور قوي محصّن تبلغ سماكته 23 قدماً، أي 7 أمتار، اتصلت الشرفات المكسوة بالأشجار ببعضها البعض بواسطة سلالم رخامية تسندها صفوف من الأقواس. كما صنعت أحواض حجرية للزهور مبطنة بمعدن الرصاص، وضعت على جانبي كل شرفة وزرعت فيها أشكال عديدة من الأشجار والزهور ونباتات الزينة المختلفة.
زرعت في الحدائق جميع أنواع الاشجار، الخضروات، الفواكهة، والزهور. تظل مثمرة طول العام، وذلك بسبب تواجد الاشجار الصيفية والشتوية ووزعت فيها التماثيل بأحجام مختلفة في جميع أنواع الحديقة.
سميت معلقة لأنها نمت على شرفات القصور وشرفة القصر الملكي ببابل. وكان الملك يريد أن يجدد مدينة بابل وذلك لتناسب جمال وفخامة وعظمة زوجته وكانت المدينة ذات أسوار يبلغ ارتفاعها 350 قدماً وثخانتها 87 قدماً وكان لهذه الأسوار مائة باب مصنوع من الذهب ولكل باب قوائم وسقوف من الذهب أيضاً. وكان أفخم هذه البوابات بوابة عشتار الضخمة.
وكانت الحدائق وسطية ومحاطة بحيطان المدينة، وبخندق مائي لصدّ الجيوش الغازية. وهناك بقايا شكّ بين المؤرخين وعلماء الآثار بالنسبة إلى حقيقة وجود هذه الجنّة المفقودة، إذ ان اعمال التنقيب في بابل لم تجد أثرا جازما لها.
الحدائق في النصوص القديمة
وُصفت حدائق بابل في عدد من النصوص القديمة، كان أولها نص للراهب والمؤرخ والفلكي برعوثا، كما هناك خمسة مؤرخين كتبوا في وصف الحدائق، وما زالت كتبهم موجودة إلى اليوم. وقد وصف هؤلاء المؤرخون حجم الحدائق المعلقة، كيفية وسبب بنائها، وماذا كان النظام المتبع في ري الحدائق.
تؤكد الرواية أن حديقة بابل المعلقة بروعتها الخلابة، كانت تدخل المرح والسرور إلى قلب كل إنسان ينظر إليها. وهو نفسه هذا الإنسان الذي ساهم بدميرها، فهل سنشهد بعصرنا هذا اشخاصًا يهتمون بالطبيعة وخلق فسحة من الأمل حيث يعم الجفاف؟

m2pack.biz