حكمة قطر الندى

 

 

 

 

فقره1
فقره1

1من اصل3

بقلم: سامية عبد السلام

 

مهما امتد العمر لا يمكن للإنسان أن ينسى أول دقة قلب أو أول كلمة حب.. هكذا الصحفي مهما حقق من نجاحات لا يمكن أن ينسى أو مرة شاهد اسمه مكتوبًا على صفحة من مطبوعة تظل التجربة بكل ما أحاط بها من تفاصيل محفورة بذاكرته، وربما يظل مدى حياته حافظًا لكل كلمة كتبها في تلك السطور المهمورة بتوقيعه لأول مرة، لأنها كانت خلاصة محاولات تشهد على كمها سلة المهملات. فرغم مرور حوالي ثلاثين عامًا ما زلت أتذكر أو تحقيق صحفي صغير شرفت بكتابة اسمي عليه بجريدة الأهرام، يتناول فكرة عن الأمن الغذائي طرحها أحد رجال الأعمال. ذهبت إلى مكتبة بشركته قبل الموعد بقليل، فاستسمحتني السكرتيرة في الانتظار قليلًا، وظلت تدخل المكتب وتخرج كل بضع دقائق لتقدم لي اعتذارًا عن التأخير في كل مرة إلى أن سمحت لي بالدخول.

بدا الرجل من خلف مكتبه الفخم الضخم متأنقًا، ورائحة عطره لم تترك نسمة هواء صافية في المكان، وشعرات رأسه المصبوغة الطويلة الخفيفة المبللة تنطق بأن المشط كان في مهمة معها منذ لحظات. وبعد كلمات الترحيب وقبل أن يكتمل التعارف تساءل وهو يتأكد من انضباط رابطة عنقه: “أين المصور؟” وعندما علم أن الأمر لا يتطلب سوى صورة شخصية عادية بدت عليه علامات الامتعاض فهرولت السكرتيرة لتأتي بألبوم مكتظ بمجموعة من الصور الشخصية مختلفة الأوضاع والأحجام لأنتقي من بينها، وظلت ما يقرب من ساعتين فريسة لشرح مشروعه وتعديد مميزاته في لقاء لم أكن بالخبرة الكافية لإنهائه وهو يؤكد لي أنه سيحل مشكلة الغذاء في مصر ويوفر الملايين من الجنيهات!.. وكان لابد من سؤال متخصص من أهل العلم فكان اللقاء مع أستاذ جليل بكلية جامعة القاهرة، وفي معمل الكلية وبجانب من المنضدة الكبيرة الممتد بطول الحجرة وعرضها حاول الأستاذ العالم بصعوبة أن يفسح لي مساحة صغيرة لأضع عليها أوراقي، فالمنضدة مكدسة بالأوراق من أبحاث وكتب ومراجع ومن حولها وعلى الأرفف الملاصقة للجدران أدوات وتجارب في انتظار استكمال النتائج..

m2pack.biz