روائح زمان

 

فقره1
فقره1

1من اصل2

  بقلم: سامية عبد السلام

بعد أن أضناه البحث ما بين شارع محمد فريد وميدان مصطفى كامل بوسط القاهرة وجد الشاب ضالته على باب إحدى صالات المزادات عندما سأل حارس العقار عن متخصص في إصلاح “الفونوغراف” الذي اشتراه في البداية كقطعة موبيليا عرضها عليه زمليه في العمل وأغراه ثمنها وشجعه على اقتنائه أناقة ودقة صندوقه الخشبي المطعم من الخارج بالأويما العربي وبطانته المخملية المصنوعة من القطيفة الزرقاء التي مازالت بحالة جيدة رغم مرور الزمن!

ومع خبير الفونوغراف الطاعن في السن امتد النقاش ليكتشف الشاب أنه اشتراه بثمن “لقطة” وأنه قطعة نادرة، وساقه هذا الاكتشاف بعد إصلاح الجهاز إلى بدء جولات في محلات بيع “الأنتيكات” في شارع باب اللوق وشارع هدى شعراوي وغيرهما بحثا عنا أسطوانات للفونغراف وبعض الاكسسوارت التي تصلح كديكور مناسب لمجاورته، وليصنع ركنا أصبح بالنسبة له هو أكثر الأماكن التي يعتز بها في بيته، خاصة بعد أن امتدت بصمة الفخامة من هذا الركن واتسعت لتذوب بأناقة مدروسة مع بقية محتويات المنزل.

الغريب أن هذا الشاب – كما يروى هو- كان أكثر أشقائه ثورة على ذلك الراديو الضخم الذي أصبح (في بداية السبعينيات) موضة قديمة بعد أن ظهرت أجهزة راديو في حجم كف اليد أو علبة الكبريت، وكان يتندر مع أشقائه على الراديو الذي كان موضوعا على الأرض في بيت جدته ويصل ارتفاعه إلى ما يقرب من مترين وكانت خلفيته مخبأ لهم وهم صغار في لعبة الأستغماية، وهو ما دفع والدته للتخلص منه خوفا عليهم من مس توصيلاته الكهربية أثناء لعبهم، فباعته بثمانية جنيهات وفوجئ بأن مثيله يباع الآن في شارع هدى شعراوي بمبلغ وقدره.. ومثله السرير النحاس والشمعدان ذو القواعد الصيني…

 

m2pack.biz