زنوبيا ملكة البادية 3 – 5
عادت زنوبيا إلى عرشها في تدمر، لتحكم بهدوء وراحة بال .. ودام حكمها ست سنوات، عرفت تدمر خلالها الرقي، والازدهار، والسلطان الذي لا حدود له، والشهرة الواسعة، والنشاط الفكري. كما عمرت البراري، ومهدت الطرق، وشقت الشوارع .. ثم امتد العمران والأزدهار أثناء حكمها، إلى ضفاف الفرات، وأمست تدمر عاصمة الشرق قاطبة .. كذلك أضافت إلى الآثار التي أبقاها أسلافها الملوك، أبنية عظيمة، وحصونا عجيبة، خلدت اسمها، “وشهدت بمقدرتها وذكائها .. كما أنشأت زنوبيا مجمعا علميا، ضم كبار الأدباء المعاصرين، والشعراء، والفلاسفة.
وسرعان ما تنبه الرومان إلى هذا الخطر الداهم الذي يحيق بهم، بعد أن أصبحت امبراطورية الملكة واسعة الأرجاء، بحيث شملت سوريا، وجزءا من آسيا الصغرى، وشمال جزيرة العرب، كما امتدت إلى مجاهل السودان. فما كاد “أورليان” يتولى الأمر في روما، ويخضع منافسيه في الغرب، حتى عزم على أن يلم شعث الإمبراطورية الرومانية، ويعيد إليها هيبتها ومجدها، خاصة وأنه كان يحنق على زنوبيا أشد الحنق، لأنها خرجت على روما، وتحدت سلطانها، مما دفعه إلى الخروج على رأس جيش، تمكن به من هزيمة التدمريين في معركتي أنطاكية وحمص .. وبذلك فتح الطريق إلى تدمر نفسها .. لكن زنوبيا أسرعت على رأس جيش، إلى لقاء جيش أورليان، حيث دارت رحى معركة كبيرة، اضطرت خلالها للتقهقر إلى حمص، حيث دارت معركة أخرى هزمها فيها، لكنه لم يستطع أن يقضي عليها، إذ أسرعت الملكة، مع فلول جيشها، إلى عاصمة تدمر، لكي تتحصن بها، لأن المدينة كانت محصنة أقوى تحصين