شعر ابن زيدون في الفراق

شعر ابن زيدون في الفراق

شعر ابن زيدون في الفراق

إنَّ الحديث عن أي شاعر لا يكتمل إلَّا أخذ أمثلة من شعره حتَّى تتجلى ملامح شخصيته ونفسيته وشعريته، فالشعر هوية شاعره، والشعر هو الطريق الذي يدل على طبع الشاعر وهو الريشة التي ترسم شكل الشاعر وتقاسيم وجهه، وهذا أبرز ما جاء من شعر ابن زيدون في الفراق في الأدب الأندلسي:
إنَّ أشهر ما جاء من شعر ابن زيدون في الفراق قوله: [٢]
أَضحى التَنائي بَديلًا مِن تَدانينا وَنابَ عَن طيبِ لُقيانا تَجافينا
أَلّا وَقَد حانَ صُبحُ البَينِ صَبَّحَنا حَينٌ فَقامَ بِنا لِلحَينِ ناعينا
مَن مُبلِغُ المُلبِسينا بِاِنتِزاحِهِمُ حُزنًا مَعَ الدَهرِ لا يَبلى وَيُبلينا
أَنَّ الزَمانَ الَّذي مازالَ يُضحِكُنا أُنسًا بِقُربِهِمُ قَد عادَ يُبكينا
وفي شعر ابن زيدون في الفراق يقول ابن زيدون: [٣]
إِنّي ذَكَرتُكِ بِازَهراءَ مُشتاقا وَالأُفقُ طَلقٌ وَوجهُ الأَرضِ قَد راقا
وَلِلنَسيمِ اِعتِلالٌ في أَصائِلِهِ كَأَنَّهُ رَقَّ لي فَاعتَلَّ إِشفاقا
وَالرَوضُ عَن مائِهِ الفِضِيِّ مُبتَسِمٌ كَما شَقَقتَ عَنِ اللَبّاتِ أَطواقا
يَومٌ كَأَيّامِ لَذّاتٍ لَنا انصَرَمَت بِتنا لَها حينَ نامَ الدَهرُ سُرّاقا
نَلهو بِما يَستَميلُ العَينَ مِن زَهَرٍ جالَ النَدى فيهِ حَتّى مالَ أَعناقا
ومن شعر ابن زيدون في الفراق أيضًا: [٤]
هَوايَ وَإِن تَناءَت عَنكَ داري كَمِثلِ هَوايَ في حالِ الجِوارِ
مُقيمٌ لا تُغَيِّرُهُ عَوادٍ تُباعِدُ بَينَ أَحيانِ المَزارِ
رَأَيتُكَ قُلتَ إِنَّ الوَصلَ بَدرٌ مَتى خَلَتِ البُدورُ مِنَ السِرارِ
وَرابَكَ أَنَّني جَلدٌ صَبورٌ وَكَم صَبرٍ يَكونُ عَنِ اِصطِبارِ
ويقول ابن زيدون أيضًا: [٥]
أغائبةً عنّي، وحاضرةً معي! أناديكِ، لمّا عيلَ صبريَ، فاسمعي
أفي الحقّ أن أشقى بحبّكِ أوْ أرَى حَرِيقًا بأنفاسي، غَرِيقًا بأدمُعي؟
ألا عَطْفَةٌ تَحْيَا بِهَا نَفْسُ عَاشِقٍ جَعلتِ الرّدى منه بمرْأى وَمَسمَعِ؟
صِليني، بعضَ الوصلِ، حتَّى تبيّني حقيقةَ حالي، ثمّ ما شئتِ فاصنَعي
ومن شعر ابن زيدون في الفراق قوله: [٦]
أأُجفى بلا جُرْمٍ، وَأُقْصَى بلا ذَنْبِ سوَى أنّني مَحْضُ الهَوى، صَادقُ الحبِّ
أغاديكَ بالشكوى، فأضْحي على القِلى وأرجوك للعُتبَى، فأظفرُ بالعتْبِ
فديتُكَ، ما للماء، عذبًا على الصّدى وَإنْ سُمتَني خَسفًا، مَحَلُّكَ من قلبي
وَلَوْلاَكَ، ما ضَاقتْ حشايَ، صَبابةً جَعلتُ قِرَاها الدّمعَ سكبًا على سكبِ

m2pack.biz