صفات اللذة والألم المتقطعة

صفات اللذة والألم المتقطعة
صفات اللذة والألم المتقطعة

 

لا استمرار في اللذة والألم، فمن طبيعتهما الوهن السريع، ولا يحدثان إلا ليكونا غيرمطبقين، فإذا استمرت اللذة فلا تبقى لذة، وينقص الألم إذا اتصل ولم ينقطع، وقديصير نقصان الألم لذة.

وعليه، فاللذة ليست لذة إلا إذا لم تتصل، ولا تكون اللذة معروفة إلا إذا قيستبالألم، وقول بعضهم وجود لذة أبدية كلام خال من كل معنى كما ذكر أفلاطون؛ فالآلهة- على رأي أفلاطون – لا تعرف الألم، ولذلك فإنها لا تشعر باللذة.

وتقطع اللذة والألم هو نتيجة ناموس عضوي قاض بجعل التبدل أساس الإحساس،فنحن لا نشعر بالأحوال إذا اتصلت، ولكننا نشعر بالفروق بين الأحوال التي تقع في آن  واحد، أو التي تقع متوالية مترادفة، فطقطقة الساعة مهما تعل لا تلبث ألا تسمع،والطحان لا يفيق من جعجعة رحاه، بل من انقطاعها، ولهذا السبب فإن اللذة بامتدادهاتصبح غير لازمة ما لم تنقطع، وسرعان ما يصير نعيم الفردوس الذي يحلم به المؤمنون غير جاذب إذا لم يتنقلوا مناوبة من النار إلى الجنة ومن الجنة إلى النار.

واللذة أمر نسبي تابع للأحوال؛ أي إن ألم اليوم قد يصبح لذة في الغد، والعكسبالعكس، فيصير ألم الرجل الذي أ ِكره على أكل كسرات خبز يابسة بعد أن تغذى غذاء وافرا لذة إذا ترك أياما في جزيرة جرداء على أن يأكل من تلك الكسرات.

وقد أصاب المثل العامي القائل: “إن الإنسان يتمتع باللذة التي تروقه حيث يجدها”.فلذة العامل الذي يشرب صاخبا في الحانة تختلف عن لذة المتفنن والعالم والمخترع والشاعر – وقتما يجدون في أعمالهم – اختلافا كبيرا، ولا ريب في أن اللذة التي حصلت (لنيوطن) من اكتشافه سنن الجاذبية هي أعظم من اللذة التي تحصل له لو انتقلتإليه نساء كثيرات من نساء الملك سليمان.

ويظهر لنا شأن اللذة والألم ظهورا واضحا عندما نتخيل الأرواح التي يعتقدوجودها المؤمنون بأكثر الأديان، فلما كانت هذه الأرواح عاطلة من الحواس والمشاعرفإنها لا تبالي باللذة والألم، ولا تعرف شيئا من بواعث حركتنا، وما كان يقلقها منعوامل الحركةأكدار أحبائها وشدائدهم لا يؤثر فيها، ولا تشعر لهذه العلة بحاجة إلى مناجاتهم، ومنهنا نقول: إن وجود هذه الأرواح وهم لا أساس له.

 

m2pack.biz