هذا وإن كان قدوم رأس المال الأجنبي قد قوض من سلطة الطبقات الحاكمة في كل من تركيا العثمانية ومصر ، فإن شرائح أخرى من المجتمع استفادت من هذا التغير . ففي مصر ، حدث انتعاش تجاري خلال النصف الثاني من القرن الثامن عشر نتيجة للحاجة المتزايدة للحبوب المصرية ، كان المستفيد الرئيس منها هو طبقة التجار المحليين ، وهو ما تأكد من خلال الصحوة الثقافية التي رعوها مع نهاية القرن الثامن عشر . وهذا التحول في موازين القوى من طبقة حاكمة أجنبية نحو تمكين المزيد من العناصر الوطنية مثل عملية أخذت في التكرار طيلة الرن التالي كذلك .
وعلى الرغم من أن الدوافع وراء قيام نابليون باحتلال مصر عام 1798 لم تستبين بالكامل بعد ، فإن أهمها يعد رغبة فرنسا في حماية مصالحها الاقتصادية في مصر . فتبرير الحملة فقط في سياق التنافس الاستراتيجي بين بريطانيا وفرنسا للتحكم في طرق التجارة للهند ـ وهو ما تم في معظم الأحوال ـ إنما يعطي تفسيراً جزئياً فقط للأمور . وكانت إستراتيجية نابليون لحكم مصر تتمثل في اللجوء للعلماء وطبقة التجار الصاعدة ـ كنتيجة لاستفادتهم من المد التجاري الذي بدأ في النصف الثاني من القرن الثامن عشر ـ في مواجهة الأرستقراطية المملوكية الحاكمة وأتباعها . وساهم هذا الغزو في تعزيز التغيرات التي لحبت بهيكل الطبقات الاجتماعية المصري بشكل أضر بمصالح المماليك في مقابل إتاحة المجال للطبقات الحضرية الوسطى .