فاتح مدينة قرقشونة في فرنسا

هو عنبسة بن سحيم الكلبي، نسبه إلى قبيلة كلب اليمانية، أحد القادة الفاتحين الشجعان، وهو أحد ولاة الأندلس الذين تمكنوا من توسيع حدود الأندلس، ووضع بصماتهم على أرض القارة الأوروپية.
استمر عبد الرحمن الغافقي أميرًا للأندلس، وذلك بتقديم أهل الأندلس له مُنذ استشهاد أميرهم السمح بن مالك الخولاني في التاسع من ذي الحجة سنة 102ه، حتى كلّف عنبسة بن سحيم الكلبي سنة 103ه بإمارة للأندلس، وذلك من قبل بشر بن صفوان والي الخليفة يزيد بن عبد الملك على إفريقية والمغرب.
كان عنبسة رجلًا تقيًّا وعسكريًّا بارعًا، وكان حريصًا على الإسلام، وأمينًا على دولته، فضبط الأمور في الأندلس، وأخمد الفتن فيها، ومن ثم توجه إلى المنطقة الشمالية في الأندلس للقضاء على حركة بلاي، وإخماد التمرد الذي فعله أخيلا بن غيطشة في مدينة طركونة، حتى استقام له أمرها، ثم أعدّ نفسه للجهاد، وباشر الفتوح في بلاد الغال “فرنسا” بنفسه، وكان ذلك سنة 105ه ، فجهّز الحملات واحدة تلو الأخرى، فاجتاز جبال البرانس، وواصل الفتح حتى بلغ ليون، وقرقشونة صلحًا بعد حصاراها، ثم نيمة، وأوتون شمال نهر الرون، وهي أقصى منطقة وصل إليها المسلمون في أوروبا الغربية، وبسط سلطانه في شرق وجنوب بلاد الغال، وقد تمت فتوحات عنبسة في بلاد الغال عهد خلافة هشام بن عبد الملك، وكان من أسباب نجاحه في التوغل في أراضي فرنسا لينه في التعامل مع أهلها، إضافة إلى جرأته وبراعته.
كانت ولاية عنبسة منذ إقرارها حتى وفاته أربع سنين وثمانية أشهر، أقام فيها العدل بين الناس، وأصلح العباد، وفتح المدن ووسع البلاد، إلا أن وافته المنية شهيدًا.
بعدما واصل عنبسة زحفه في أعالي نهر الرون، وبلغ مدينة أوتون، دفع هذا الأمر من دوق أقطانيا الذي يدعى “أودو” إلى مفاوضة عنبسة للحصول على هدنة فيما بينهم خشيةً منه أن يهاجم عنبسة أراضيه، فكان له ما أراد، وتمت الهدنة، وفي طريق عودة عنبسة، هاجمه جموع من الفرنجيين في منطقة سبتمانيا، فالتحم معهم في معركة أصيب فيها بجراح بالغة، توفي على إثرها عام 107ه.