فيلم زينب زهرة اغمات: عندما تصنع المرأة التاريخ
ثمة أناس شغوفون بالتاريخ ولا يرونه مجرد وقائع عابرة لا داعي لنفض الغبار عليها وهو مثل صانع الجواهر الماهر يستخرجون من الكتب القديمة دررا يقدون من وحيها إعمالا إبداعية تؤسس للمتعة والإفادة وفي هذا الإطار يتنزل فيلم زينب زهرة اغمات.
فمن تكون هذه الملهمة ومن هم صناع الفيلم الذين أعادوا إليها الروح؟
تدور أحداث الفيلم حول زينب النفزاوية إحدى النساء اللواتي خط التاريخ سيرهن بأحرف من نور وهي التي تقول عديد المراجع التاريخية إنها تزوجت تباعا من أربعة أمراء من بينهم أمير المرابطين يوسف بن تاشفين مؤسس مراكش.
ورغم أهمية العلاقة التي نشأت بين زينب النفزاوية وبن تاشفين تحديدا إلا أن الدراما والسينما أهملتها وظل حضورها مقتصرا على المراجع التاريخية.
ومن هنا اكتسى فيلم زينب زهرة اغمات أهميته إلى جانب تسليطه الضوء على مرحلة مهمة من تاريخ المغرب الأقصى وبعض رموزه التاريخية.
وقد عملت مخرجة الفيلم المغربية فريدة بورقية على إعادة الاعتبار لشخصية نسائية فذة في تاريخ المغرب كان لها دور فاعل ومؤثر في مرحلة المرابطين وارتبط اسمها بالعصر الذهبي للدولة المرابطية وأوج ازدهارها وخاصة مرحلة تأسيس مراكش.
وأقرت المخرجة في تصريحات إعلامية بصعوبة هذا العمل السينمائي الذي كان من المنتظر ان يقدم في شكل دراما تلفزيونية تدوم 30 حلقة لكن الصعوبات الإنتاجية حالت دون ذلك فحولته مضطرة إلى فيلم سينمائي وكان ذلك بمثابة نضال فني على حد تعبيرها نظرا لعزوف المنتجين عن مثل هذه النوعية من السينما التي لا تسيل لعاب المستشهرين.
المخرجة فريدة بورقية
وإذا ما رمنا العودة إلى شخصية زينب بنت إسحاق النفزاوية التي يسلط الفيلم الضوء على حياتها وسيرتها العطرة فان من أهم ما يستوقفنا هو حديث العلامة عبد الرحمان بن خلدون عنها الذي يقول عنها ” كانت إحدى نساء العالم الشهيرات بالجمال والرياسة”.
وليس هذا فحسب فابن الأثير قال عنها أيضا “كانت من أحسن النساء ولها الحكم في بلاد زوجها ابن تاشفين”.
وتؤكد المصادر التاريخية أن الفضل في بناء مراكش يعود إلى هذه السيدة فهي التي أشارت على زوجها يوسف بن تاشفين بهذا الأمر فقد كانت الزوجة الوفية والمستشارة الصادقة التي تقدم النصح له فيقبله عن طيب خاطر وهو المحب لها وكان ان باتت مدينة مراكش عاصمة دولة المرابطين التي تمتد على المغرب المسلم الكبير والتي عرفت أوج مجدها مع أمير المسلمين ابن تاشفين.
وتروى القصص عن رجاحة عقل هذه السيدة وحسن تدبيرها في مجال السياسة وذاع صيتها في اغمات ولقبت بالساحرة لقوة تأثيرها وكانت حقا جديرة بان تكون لها مكانة في التاريخ .
ويذكر أن الذاكرة الجماعية تحتفظ في المغرب بصورة مشرقة عن زينب النفزاوية كمثال حي للمرأة المغربية القادرة على الفعل والانجاز ذات العقل الراجح والرصين الذي اثر في مجرى أحداث التاريخ.
ولعل أهمية الفيلم تكمن في كونه يؤكد على أهمية المرأة العربية ومكانتها ليس في الحاضر فحسب وإنما في الماضي أيضا
وقد اعتمدت المخرج عما خطه المؤرخون لتنجز هذا الفيلم الوثيقة ولكن أهميته التاريخية لا تعني عدم الإشارة إلى بعض الهنات فيه كغياب الإبهار والجماليات العالية على مستوى الصورة إذ عولت المخرجة على متانة المضمون دون الاشتغال الكبير على الابتكار في التصوير كما اثر ضعف الإنتاج على الفيلم وبدا ذلك خاصة على مستوى الملابس والديكورات التاريخية التي تتطلب تكلفة كبيرة.
وقد قام بادوار البطولة في هذا الفيلم كل من فاطمة العياشي وعبد السلام بوحسيني وفريد الركراكي ومحمد مجد.
الوسوم
مبدعات مخرجات عربيات أفلام سنيما سنيما المرأة