في سيرته الذاتية «ذكريات الجوافة» جورج البهجوري أبحث دائماً عن الخط التشكيلي الذي لا يراه الآخرون

في سيرته الذاتية «ذكريات الجوافة» جورج البهجوري: أبحث دائماً عن الخط التشكيلي الذي لا يراه الآخرون

في سيرته الذاتية «ذكريات الجوافة» جورج البهجوري.. أبحث دائماً عن الخط التشكيلي الذي لا يراه الآخرون

بعدما أقام الفنان الكبير جورج البهجوري معرضه «مدونات عمر» في شباط/فبراير الماضي في غاليري بيكاسو، وهو بمثابة معرض استعادي، يرصد فيه ملامح من تجربته التشكيلية الثرية، عاد بعدها بأقل من شهرين ليصدر كتاباً عن مشوار حياته، منذ مولده وحتى مجيئه من فرنسا واستقراره في مصر.
الكتاب صادر عن «دار الثقافة الجديدة» بعنوان «ذكريات الجوافة… رسم على رسم»، واتخذ من ميلاده في بهجورة في الأقصر بداية ليروي من خلالها المحطات الرئيسة في مشواره الإنساني والفني، وقد اقتبس العنوان من حديقة منزله التي كانت تضم أكثر من خمس أشجار من الجوافة. عاش البهجوري ما بين الأقصر والمنوفية والقاهرة، التي استقر فيها منذ أن التحق بكلية الفنون الجميلة وتخرج فيها عام 1955، وحتى هجرته الى باريس منذ 1970 ونهاية التسعينيات، قبل أن يعود ليستقر مرة أخرى في القاهرة.
– سألته: حاولت ألا تجعل هذه السيرة جامدة، بمعنى أنك ركزت فيها على الحواديت والحكايات الصغيرة؟
فأجاب: بالفعل، وأنا أكتب «ذكريات الجوافة»، قفز إلى ذهني العديد من الحكايات التي ترجع الى أكثر من نصف قرن، لكنها ما زالت محفورة في داخلي، من ذلك تميزي منذ أن وطأت قدماي كلية الفنون الجميلة في رسم الوجوه، وأصبحت أتقنها خلال فترة قصيرة، وهو ما شجع زملائي في الدفعة على أن يلجأوا إليّ لكي أرسمهم، وكان النجاح حليفي، فالوجوه نجحت نجاحاً باهراً، وكل طالب أحتفظ برسم له، وأصبحت الكلية كلها تعرفني وتتابعني.
– من الحكايات الطريفة التي دوّنتها في الكتاب قصتك مع البوليس الفرنسي في بدايات إقامتك في باريس؟
ضحك وقال: كنت أحب المشي على ضفاف السين متخيلاً إياه نهر النيل. لكن على رصيف السين، كنت أجد دائماً رجل البوليس الفرنسي أمامي في سترته الزرقاء الداكنة، رشيقاً أحياناً، غليظ الملامح غالباً، في كل مرة أراه يتولاني وهم غريب بأنني مجرم هارب من وجه العدالة طالما أن وجهي غريب عليهم، وملابسي الملونة كأنها «بالتة» ألوان فان غوخ أو ماتيس، ورغم هذا الشعور لم يكن يحدث أي شيء غير طبيعي.
– لم تسرد في الكتاب تجربتك الفنية بشكل تقريري، لكنك توقفت عند بداياتك كثيراً… أليس كذلك؟
بالفعل، فأنا أحب الرسم منذ طفولتي، وهو ما دفعني إلى اختيار كلية الفنون الجميلة، والعمل في روزاليوسف بينما كنت طالباً، وكثيراً ما أتذكر تجاربي في اختبار قدراتي الفنية وتطويرها. فذات يوم اشتد عودي وأصبحت أفتح «البرجل» على أكبر زاوية، لأرسم جمال عبدالناصر وهو يضحك، أو يغضب، أو يهمس في أذن محمد حسنين هيكل، أو يدلي بسر إلى شعراوي جمعة… أتابعه في الصور الفوتوغرافية المنشورة في الصحف والمجلات، وأتابعه على شاشة التلفزيون، لأكتشف الخط التشكيلي الخفي الذي أراه ولا يراه الآخرون.
– حرصت على أن تسجل في كتابك رأي الفنان الكبير الراحل حسين بيكار بك، كيف ترى هذا الجيل المؤسس لحركة الفن التشكيلي في مصر؟
عشنا في زمن الجميع فيه يشجع بعضه بعضاً، الأساتذة ومن هم في سنّك كلنا ندفع بعضنا الى الأمام، وهنا أتذكر ما قاله بيكار عني: «الطالب جورج البهجوري يميل قبل ألوانه إلى السخرية والفكاهة بجوار الدراما حتى التراجيديا. أنا لا أتدخل في منهجه، لكنني أتابع تنفيذ أسلوبه حتى يصل إلى الإتقان»، وأتذكر كذلك الأسماء الآتية: جمال كامل، منير كنعان، صبري راغب، حامد ندا، يوسف فرنسيس، ممدوح عمار، مصطفى حسين، وغيرهم، فهم نماذج أفخر بها، لأنني داومت على الاتصال البصري معهم، فأتقنوا وأبدعوا ونجحت معارضهم، ودخلت المتاحف والمسابقات الفنية وانتشروا على صفحات الجرائد والمجلات، وسافروا في بعثات إلى كل بقاع الأرض.

m2pack.biz