قراءة في رواية الدون الهادئ

قراءة في رواية الدون الهادئ

قراءة في رواية الدون الهادئ

الأدب الروسي
يضمُّ الأدب الروسيّ الكثيرَ من الأعمال الأدبيَّة العظيمة التي صُنّفت أنّها من الأعمال الأدبيّة العالميّة، خاصّةً في مجالَيْ الشعر والرواية، وقد ظهر تأثُّر الأدب الروسي بكلِّ مرحلة تاريخيّة مرَّت على روسيا، مثل غزو التتار أو اعتناق روسيا للنصرانية بشكلٍ جليٍّ، وبشكل عام فإنَّ أعظم أعمال الأدب الروسي ظهرت في القرن التاسع عشر، وذلك في شتَّى المجالات من شعر ومسرح ونثر، ومن أشهر الأدباء الروس: ليو تولستوي صاحب رواية الحرب والسلام، فيودور دوستويفسكي صاحب رواية الجريمة والعقاب، بوشكين، نيقولاي غوغول، أنطون تشيخوف وغيرهم، وفي هذا المقال سيدور الحديث حول الأديب الروسي ميخائيل شولوخوف وحول قراءة في رواية الدون الهادئ.[١]
ميخائيل شولوخوف
ولدَ الكاتب الشهير ميخائيل ألكسندروفيتش شولوخوف في القوقاز عام 1905م، وهو أديب ومؤلّف روايات روسي حصل على جائزة نوبل للآداب عام 1965م، قضى شولوخوف معظمَ حياته وكانت فضاءً لجميع أعماله التي كتبَها لاحقًا وعلى فترات زمنية طويلة، وتأثر ببيئة القوقاز كثيرًا، ويُعرَف عن القوقاز أنّهم عبارة عن مقاتلين استخدمهم القيصر حَرَسًا على حدود الإمبراطورية الروسية الجنوبية، وفي تلك المنطقة يجري نهر الدون بهدوئه غير عابئٍ بكل تلك الاضطرابات التي تعصف بالبشر.
لم يستطع شولوخوف أن يُكملَ دراستَه الابتدائية، لكنَّه بدأ في محاولات الكتابة بعد أن سافرَ إلى موسكو للعمل هناك، وعاد بعد عاميْن إلى موطنه الأصليّ ولم يغادرْه حتّى وفاته، وفي تلك الفترة كتَبَ أولى مؤلّفاته، وهو المجموعة القصصيّة الأولى بعنوان الدون وقصة السهب الأزرق، انضمَّ بعد ذلك إلى الحزب الشيوعي، وأصبح في عام 1934م عضوًا في اتِّحاد الكتاب، جُمعَت فيما بعد المقالات والقصص التي كتبها في مجموعة أطلق عليها اسم مصير الإنسان، ومن أهمِّ مؤلفاته: رواية الدون الهادئ، رواية الأرض الطيبة، رواية حاربوا في سبيل الوطن التي كتبَ فصولًا عدّة منها ولم يكملها، وقد توفّي عامَ 1984م. [٢]
قراءة في رواية الدون الهادئ
تعدُّ رواية الدون الهادئ من أهمّ روايات الكاتب الروسي ميخائيل شولوخوف وأشهرها، والتي حصل بفضلِها على جائزة نوبل للآداب وحقَّقت له شهرة عالمية، كتبَ شولوخوف روايته الشهيرة على مدار 12 عامًا امتدَّت من عام 1928م إلى عام 1940م، وقد استلهمَ اسم روايته من نهر الدون الذي يجري في بلاد القوقاز هادئًا مطمئنًا، ولا يمكن أن يتمَّ حصر قراءة في رواية الدون الهادئ بعدّة سطور، فقد جعلها المؤلف في أربعة مجلدات وكانت رواية ملحمية تاريخية بكلّ معنى الكلمة، جمعَ في صفحاتها حوادثَ وأخبار ثورة عارمة، وأضفى عليها مسحة إنسانيّة.[٣]
بدأ شولوخوف روايته بالحديثِ عن شعب القوزاق عندما بدأوا بالتخلّص من حكم القيصر الملكيّ واستقبلوا الجيش الأحمر، وخلال هذه المرحلة يصوِّرُ ما طرأ على كثير من مفاهيم وقيم ذلك الشعب من تغيُّر، فقد عاشَ شعب القوزاق اضطراباتٍ هائلةً وتخبُّطًا لم يُشهد له مثيلٌ وسنينًا كانت عليه أمرَّ من العلقم فقدَ خلالها الكثير من خيرة شبابه، وقد مثَّل غريغوري نموذجًا لهذه التخبُّطات التي عاشها شعبه في فترة الانتقال.
وعند قراءة في رواية الدون الهادئ لا بدَّ أن يُشار إلى براعة الكاتب في وصف الشخصيّات بدقَّة حتّى كأنَّها شخصيَّات حقيقيّة واقعية، حيثُ أوردَ فيها ما يقارب 600 شخصيّة، وهذا ما يدلُّ على سَعة خيال وقدرة فائقة في السرد والوصف، إضافةً إلى وصف الطبيعة التي ينقلُ من خلالها القرّاء إلى بلاد أقرب ما تكون إلى جنان الخلد بحذاقته تاركًا في نفوسهم أثرًا عظيمًا وذكرياتٍ يظنُّ بعضهم أنَّه قد عاشها بنفسه.[٤]

m2pack.biz