قوة الكلمات والعقل الباطن
مما لا شك فيه، هو أن الكلمات تؤثر بطريقة مباشرة على العقل، لأن الفهم يأتي ويتشكل أساساً من الكلمات. فكل شيء نفهمه ونتخيله هو نتاج شرح ببعض الكلمات. ولذلك عندما يكون لدينا أطفال صغار ونريد أن نجعل خيالهم وعقلهم خصب، نقوم بحكاية قصة عليهم حتى يبدأ الطفل في إعمال خياله. ومن ثم يتطور العقل الواعي والعقل الباطن معاً. ومن هنا نرى قوة الكلمات بمنظور مختلف عن العادة، في الكثير من الأوقات الكلمات لا تسيطر فقط على الخيال، ولكن تسيطر على العقل الباطن نفسه. فتجد أنك لو أردت تسريب الخوف في نفس أحدهم تستطيع أن تعرف أكثر شيء يخيفه وتتكلم عنه بطريقة ذكية، فتفاجئ أن يرتعب فعلاً من الخوف وغالباً سيهرب منك ومن كلامك. ببساطة لأنه يخاف من حقيقة أن كلامك يثير خوفه. أيضا الحب، الكثير يرون ماذا يفعل الكلام في العلاقات العاطفية، فهو يجعل أطراف العلاقة عميان عن الحقائق، وعقلهم اللاوعي يُستعبد فقط للكلمات الجميلة وينسى أن هناك حياة عملية يعيشونها.
أيضًا على المستوى الشخصي، هناك علم يدعى التنمية البشرية. هذا العلم وجد حديثاً ولكنه أثبت انتشاراً كبيراً في السنين السابقة. وحتى الآن وهذا العلم يعتمد بشكل كلي على كيفية كلامك واعتقادك في نفسك. حيث ما تقوله لنفسك بصوت عالي هو ما ستشعر به، وهو ما سيجعل عقلك وأفعالك تتجه نحوه بطريقة لا إرادية. بمعنى لو كنت تتكلم عن نفسك بطريقة إيجابية جداً وأنك ترى نفسك شخص ناجح، حتى لو كان الواقع والمجتمع من حولك يقولون غير ذلك، ولكن قوة كلماتك التي تقولها لنفسك بالإيجابية تجعلك تشعر أنك هكذا فعلاً. ومن ثم تجد نفسك لا تعتمد على أحد ولا تنظر لكلمات أحد سوى نفسك. وتجد أفعالك تتعامل مع كل شيء على أنك ناجح وأن هناك أمل حتى تجد فرصة وتستغلها أفضل استغلال.
في المقابل هناك أشخاص يتكلمون دائماً عن صعوبة الظروف، وعن أنهم ضعاف ولا يقدرون على مواجهة الحياة الصعبة ولا الغلاء، أو أنهم يرون المستقبل كشيء سيء. في العادة مثل تلك الكلمات تجعل عقلهم اللاوعي يتحكم في أفعالهم دون أن يعلموا. فتجدهم ييأسون بسرعة، ولا يعيدون المحاولة، ودائما ناقمين لا فاعلين، كثيرون الكلام السلبي وليسوا كثيرون الفعل. ومع الوقت، ما يتحدثون به عن أنفسهم يكون صحيح. والفرق في الحالتين هو أن كلماتك عن نفسك جعلت عقلك الباطن يطور أفعالك ناحية الشيء الذي تغذي أنت نفسك به. ولذلك حاول أن تفهم قيمة وقوة الكلمات جيداً، واجعل ما تقوله لنفسك دائماً إيجابي.