كاميرا العيد

كاميرا العيد

كاميرا العيد

أبحث عن صور قديمة تؤرخ لاجتماعات عائلية احتفالاً بالعيد. أستعيد ذلك الدفء الطفولي وحماسة قديمة تحوّلت ذكرى، حماسة ولدت من فرحة اختيار الأزياء الجديدة وسبقت بهجة اللقاء بالعائلة الكبيرة، بصغارها خصوصاً، شركائنا في المغامرات. في بداية اليوم، نستعيد مع صفاء انطلاقته مشاهد هي كل ما بقي لنا من زمن بعيد. لم نكن مهووسين بالصور. لم تكن الكاميرا رفيقة لحظاتنا ومرآة سذاجتنا. لم نكن قد شوّهنا دورها بعد ولا ابتذلناه وأفقدناه هيبته. أبحث عن صور تعيد إلي لمحات من تلك الأيام. ثمة صورة واحدة لعصابة أطفال العائلة على شرفة المنزل في القرية. لا شواهد أخرى. لكن المشاهد محفورة في الذاكرة، من استعراض الأناقة إلى تأمّل السماء تضيئها مساءً خطوط ملوّنة. لم أحب المفرقعات، لكن مَن يعترض على طقوس العيد؟ أذكر قريبتنا التي حوّلت بيتها متحفاً لصورنا ولحروف تخطّها لمقاومة الوحدة. نحن ما زلنا نقاوم الخوف. أتمسك بدفء العيد. تصفعني الحروف التي في العادة أستمدّ منها القوة. تركّب معاني خطرة ومخيفة. الإرهاب يهزأ بالتاريخ والحدود. ما أصعب بطش الأغبياء. لكن هل نمنح حياتنا للخوف؟ يكفي ما سيطر عليه من أعمارنا. أعود إلى ما كنت أفعله، إلى جمع صور الماضي. جميل أن نستعيد تجارب عشناها في مراحل سابقة، كأن نقع في غرام شخصية روائية، أن نتعلّق بها حتى نحييها ونسعى إلى أن نشبهها. نتمسك بتلك المتع الصغيرة، كاللعب بالذكريات أو القراءة التي تدفعنا إلى الاعتراف بيننا وبين أنفسنا بمغامرات قديمة وتتيح تخيّل سيناريوات مختلفة لأيامنا. فلنمنح مخيّلتنا الثقة. يسمح لنا مزاج الصيف بالهروب من الواقع وبمقاومة الخوف منه.

m2pack.biz