خوان كورديرو
(
)
2من اصل3
كما أن ملامح الملك والملكة تختلف كثيرًا عما نراه في اللوحات الأقرب زمنيًا إليهما، وحتى عما ورد في النصوص التي تصف الملكة.
واستطرادًا، ثمة إجماع بين المؤرخين على أن ملكة قشتالة هذه، برغم عدائها الشديد للمسلمين، كانت ميالة إلى العمارة والتزيين الداخلي الإسلاميين، وبالتالي من المستبعد جدًا أن يكون كرسيا العرش الظاهران في هذه اللوحة أمينين للحقيقة التاريخية بطرازهما القوطي.
إنها لوحة تمثل حدثًا تاريخيًا، من دون أمانة للحقيقية التاريخية، ولكن ولهذا السبب بالتحديد، فإنها تكتسب أهميتها من جملة مقومات على رأسها قدرة الفنان على إعادة تشكيل حدث بالاستناد إلى قواه الذهنية بالدرجة الأولى، وعبقريته كفنان متمكن من التركيب، والخط، واللون، والضوء، والظل فلو تأملنا بقعة الضوء مثلاً، لوجدنا إنها ليست في وسط اللوحة تمامًا، بل تميل قليلاً إلى اليمين لإضاءة الأميرات والحاشية الملكية، في حين أن الظل يصبح أكبر في الطرف الأيمن من اللوحة، حيث تصبح الشخصيات أقل أهمية.
وإلى ذلك نضيف مقدرة الفنان التقنية في التعبير عن ملمس عدد كبير من المواد، بدءًا بالفرو والحرير، وصولاً إلى الخشب المكسو بالذهب والتماثيل الحجرية في الجدار، لذا رحبت رما وفلورنسا بهذه اللوحة عندما عرضت فيهما عام 1850م، وهذا ما جعل المكسيك تنتظر وصولها في العاك نفسه بترقب كبير.
أنجز الرسام هذه اللوحة لتكون هدية منه (إلى أكاديمية سان كارلوس عربون تقدير) حسبما كتب على جهتها الخلفية، ويرى بعض النقاد أن اختيار الرسام لهذا الموضوع بالذات، يعود إلى رؤيته بعض التشابه بين سيرة كولومبوس وسيرته الشخصية، سيرة شخص ما كان لينجز ما أنجزه لولا الرعاية الكريمة من طرف آخر.