كولومبوس في بلاط فرديناند وإيزابيلا

خوان كورديرو

(

فقره1
فقره1

1من اصل2

عبود طلعت عطية

فنان وناقد تشكيلي من لبنان

بعد ثلاثة قرون على رحلة المستكشف كريستوف كولومبوس إلى أمريكا، وتحديدًا طوال القرن التاسع عشر، عاد الاهتمام بالمستكشف الجنوي إلى الواجهة من جديد، وساعد على ذلك ظهور كتابين جديدين حوله آنذاك، واحد بقلم واشنطن إيرفنغ، والآخر بقلم وليم بريسكوت، ولأن الأكاديميات كانت لا تزال تصنف المواضيع التاريخية والأسطورية على رأس المواضيع في فن الرسم، لأنها تتطلب جهدًا وإبداعًا أكثر من غيرها، ولأن سيرة كولومبوس ورحلته التاريخية تتناغمان تمامًا مع المزاج الرومنطيقي الذي كان سائدًا آنذاك، راح رسامون عديدون يرسمون فصولاً من هذه الرحلة وكأنها حصلت بالأمس القريب، ومن بين هؤلاء الرسام الكلاسيكي المكسيكي خوان كورديرو.

ولد خوان كورديرو في المكسيك عام 1822م، وبدأ دراسة الفن في (أكاديمية سان كارلوس) بالمكسيك، ومن ثم سافر إلى روما حيث تابع دراسته في (أكاديمية سان لوكا) وبقي فيها حتى عام 1853م، ورسم خلال هذه الفترة عددًا كبيرًا من اللوحات التي عرضها في روما وفلورنسا، ومن بينها لوحته الشهيرة التي تقف أمامها هنا.

رسم كورديرو هذه اللوحة عام 1850، ونرى فيها ثلاث شخصيات رئيسية تتوسط بقعة الضوء في وسط اللوحة: إيزابيلا ملكة قشتالة وزوجها فرديناند ملك أراغون وكريستوف كولومبوس.

وحول هؤلاء الثلاثة يتحلق من أهل البلاط، إضافة إلى اثنين من الهنود الحمر الأمريكيين أتى بهما كولومبوس (هدية) إلى الملك والملكة، تأكيدًا لوصوله إلى العالم الجديد والغريب، وهو يشير إليهما بيده اليمنى، فيما أبقى اليسرى مرفوعة حتى وسطه تعبيرًا عن الولاء والطاعة.

استند الرسام في تصوير الحدث إلى نصوص مكتوبة تروية، وفيما عدا ذلك، فإن كل ما في هذه اللوحة متخيل جملة وتفصيلاً، فداخل القصر غير

حقيقي، لأن لوحات عديدة أخرى تمثل الحدث نفسه صورت الملك والملكة في قصر إسلامي الطابع المعماري، الأمر الذي يحتمل أن يكون أقرب إلى الحقيقية التاريخية، نظرًا لكثرة القصور العربية في إسبانيا آنذاك،

m2pack.biz