لا تعتمد على إنجازاتك السابقة فقط خلال مواجهة التغيرات الكبيرة في الحياة

لا تعتمد على إنجازاتك السابقة فقط خلال مواجهة التغيرات الكبيرة في الحياة

لا تعتمد على إنجازاتك السابقة فقط خلال مواجهة التغيرات الكبيرة في الحياة

يميل معظم الناس في سلوكياتهم وحياتهم اليومية إلى الاعتماد على إنجازاتهم السابقة وما قد حققوه. والحقيقة أن امتلاكهم لشئ ما أو استنادهم على نجاح سابق يشعرهم بالراحة والأمان، قد يكون سببًا في الكسل والخمول تجاه ما يحتاجون إلى إنجازه، وما يتعين عليهم بذله من مجهود. ونلاحظ أيضًا أن الإنسان يتجه عادة نحو الغرق في التفكير أو التحضير المفرط لإنجاز الأمور، ويستهلك كثيراً من الطاقة والمجهود في توقع الأحداث والأشياء والتخطيط لها، ومن ثم تصبح الأمور أمامه أكثر تعقيداً وصعوبة. لذلك فإن الدرس الذي يمكننا أن نتعلمه في هذا الصدد هو أن ننصرف عن الانغماس في التفكير والتخطيط المبالغ فيه لأن ذلك قد يدفعنا للإحباط إذا لم تتم الأمور بالشكل الذي توقعناه وخططنا له ومن ثمّ سنجد أننا نبدد الكثير من المجهود والوقت، الذي يمكننا أن نستغله سريعًا في إعادة المحاولة واكتشاف طرق جديدة للنجاح بشكل عملي وسريع ومختصر؛ فدائمًا ما تحدث التغيرات الكبيرة على عكس ما خططنا له وما نتوقعه.
دعنا نأخذ مثال يوضح الأمر، فسوف نعرض لنمطين من أنماط السلوك والتصرف لدى نموذجين من الفئران، كل منهم يسلك بشكل مختلف عن الآخر. النموذج الأول، هو الفأر (سنيف)، فعندما يبدأ سنيف بالبحث عن قطعة من الجبن في متاهة ما، فإنه يتوقف عن التفكير والتخطيط المسبق لكي يرسم مسار بحثه في المتاهة، لذلك فإن كل ما يفعله هو أنه يتحرك يمينًا ويساراً بشكل تلقائي وعشوائي ويسلك كافة الطرق التي يجدها أمامه وعندما يفشل ولا يجد الجبن في نهاية الطريق الذي يسلكه، فإنه لا يتوقف من أجل التفكير أو الشعور بالإحباط، بل إنه يبدأ في البحث داخل طريق جديد دون أن يفقد الوقت والطاقة. وبالتالي نجد هنا أن التغيرات الكبيرة لم تتدخل في التوقعات وتتسبب في الإحباط.
أما النموذج الآخر، فهو الفأر (سكاري)، والذي يتخذ سلوكًا مغايراً تمامًا للفأر سنيف. فعلى الرغم من أن سكاري لا يشعر بالجوع، إلا أنه يقرر البدء في البحث عن قطعة الجبن داخل المتاهة هو أيضًا، لأنه يجد في ذلك نجاحه وبهجته. النقطة الفاصلة هنا، والتي تميز النمط الذي اتخذه سكاري مقارنة بسنيف، هو أنه بدأ من خلال التفكير والتخطيط الجيد بشكل مسبق قبل أن يتحرك في دهاليز ومسارات المتاهة المعقدة. وعلى الرغم من كل هذا الإعداد والتحضير المسبق، فإنه لم يجد قطعة الجبن في الطرق والمسارات التي بدأ فيها رحلة بحثه واستكشافه، فكانت النتيجة هي شعوره بالإحباط والفشل، لأنه لم يجد توقعاته كما رسمها وكما خطط لها، ومن ثم فقد بدأ الشك والحيرة يدخلان على تفكيره، بشأن إمكانية العثور على قطعة الجبن من عدمه لكي يجد سعادته ونجاحه الذي يركض وراءه.
وفي خاتمة المطاف، وجد سكاري، قطعة جبن، في أحد المسارات التي يبحث داخلها، وعندها شعر بالسعادة والاطمئنان، وقام بوضعها في مكان آمن لكي يضمن حصوله على شريحة من الجبن بشكل يومي عندما يشعر بالجوع. والحقيقة أنه نتيجة هذا الشعور بالاطمئنان ونجاحه في الحصول على الجبن، هو ما قد يدفعه نحو الكسل والاعتماد على ما وصل إليه من قطعة جبن، متناسيًا المجهود والسعي المتواصل الذي يتعين عليه أن يبذله فيما هو قادم لمواجهة التغيرات الكبيرة التي تطرأ عليه. يتضح لنا إذن من خلال تأمل نمطي سلوك (سنيف) و(سكاري)، مدى أهمية أن نتصرف بتلقائية في بعض المواقف دون إعداد سابق أو تخطيط مفرط، وكذلك أهمية أن لا نستند كثيراً على ما نملك فقط من أشياء أو إنجازات لكي نتمكن من متابعة التقدم والنجاح وبذل المجهود.

m2pack.biz