لقطات للوطن والحنين إليه… رؤية فوتوغرافية وتشكيلية للمجتمع المصري وتنويعاته

لقطات للوطن والحنين إليه… رؤية فوتوغرافية وتشكيلية للمجتمع المصري وتنويعاته

لقطات للوطن والحنين إليه… رؤية فوتوغرافية وتشكيلية للمجتمع المصري وتنويعاته

القاهرة «القدس العربي»: يُقام حالياً في مركز الهناجر للفنون، التابع لدار الأوبرا المصرية/ قاعة آدم حنين، معرض فوتوغرافي تحت عنوان «مصر جميلة»، وهو نتاج مسابقة ضمت العديد من مصوري الفوتوغرافيا المصريين، من عدة أجيال مختلفة، حيث تناولوا لقطات تمثل لمحات من المجتمع المصري المتنوع والمتباين، حيث البيئات والطوائف والفئات المختلفة.
من ناحية أخرى وبالتزامن أقام الفنان التشكيلي طاهر حلمي معرضه، الذي جاء تحت اسم «الحنين إلى الوطن»، والمُقام بأتيليه القاهرة. ويحاول الفنان عبر لوحاته استعراض وطن كان في مخيلته، مقارنة بما هو كائن. كما أقيم في ساقية الصاوي معرض للفنان إبراهيم البريدي، للتشكيل بالقماش، يستعرض المهن والحياة الشعبية المصرية، إضافة إلى حياة الريف المصري. ورغم اختلاف هذه الأعمال الفنية من حيث المادة والشكل، إلا أنها تتوسل الحالة المصرية من وجهة نظر الفن وجمالياته.
ما بين البشر والطبيعة
تنوعت اللقطات في معرض «مصر جميلة» ما بين استعراض للأماكن المصرية الشهيرة، النيل والآثار وما شابه، وهي وإن كانت تحمل رؤية فنية، إلا أنها لم تتخط التقليدية، وتدخل تحت إطار كروت البوستال السياحية، إلا ان هناك العديد من اللقطات اللافتة، التي تناولت علاقة الإنسان بالمكان، إضافة إلى المهن والبيئات المختلفة من صحراء وساحل ومجتمع المدينة، إضافة إلى لقطات حملت حِساً تعبيرياً، سواء من خلال الإضاءة أو تكوين الكادر وزاوية الرؤية.
هذه العناصر التي توافرت في العديد من اللقطات أظهرت كيف يرى الفوتوغرافي الحياة في مصر، من ابتسامة الفتيات الصغيرات في الريف، والحِس الصاخب بالحياة، إلى ابتسامة عجوز ينتظر، أو مجموعة تنصت باهتمام لإيماءة امرأة مُسنة، في تكوين فني رفيع، كذلك جاءت اللقطات متنوعة ما بين الأبيض والأسود، لتصبح التفاصيل أكثر حدة، كما انها تتناسب وجو اللقطة العام، مثل استعراض أثر تاريخي، كالقلعة وما يحيطها، أو قصر البارون على سبيل المثال، كذلك بعض وجوه الشخصيات التي تبدو أكثر صدقاً وقرباً من المُتلقي في حالة الأبيض والأسود، هكذا أراد الفنان أن نطالعها.
وتأتي لقطات الطبيعة الصامتة، وهي من أصعب لقطات الفوتوغرافيا، لأنها إما أن توحي بما تحمله من معان، وتبدو فيها قدرة المصوّر على إنتاج الحركة والحالة التي أراد تصويرها، من خلال الزاوية وحجم اللقطة، وإما أن تصبح مجرد تسجيل لمنظر لن يلتفت إليه أحد. فالأعمدة والقباب وما تخلقه من إيقاع خاص بالبنايات الإسلامية، والحركة الناتجة عن تكرار العنصر في اللقطة يخلق جمالياته، التي تختلف من فنان لآخر، إضافة إلى لقطة أخرى جسدت العديد من فناجين القهوة، وكأن هناك عالماً يمتلك لغة وتفاصيل من خلال هذه الفناجين المتراصة، كالتي تبوح بسر أو تحكي حكايات.
ما كان وما هو كائن
يحاول الفنان طاهر حلمي عبر لوحاته أن يقارن بين ما كانت عليه مصر وما أصبحت تعيشه، هناك لوحات لفتيات مُنطلقات الشعر، وتبدو أحجامهن مُتصدرة اللوحة، والتفاصيل قليلة، والمساحات اللونية كبيرة ونقية إلى حدٍ ما، فلا تداخلات لونية، ولا زخم بصري، إضافة إلى وضعية الجسد، التي تشبه الأجساد الفرعونية فوق الجداريات. ثم ينقلب الحال… لتبدو الحالات الجنائزية المُتعددة، في تداخل وصخب لوني يُشوّش على اللون الأبيض/لون الأكفان، هذه الحالة تخلط عن قصد ما بين المحمولين في نعوشهم وجمهور المُشيعين. الخامات تختلف أيضاً تبعاً للحالة، فبينما يأتي السطح الأملس، الذي تخلقه الفرشاة في لوحة المرأة، يبدأ السطح في الخشونة في لوحة أصحاب النعوش، ليقع ما بين تقنية الرسم بالفرشاة والسكين، وفي الأخير تصبح السكين هي التقنية الوحيدة في لوحة يحتل أعلاها علم «داعش» الأسود، لتبدو مظاهر الانهيار وما وصل إليه الحال، هنا أيضاً يستخدم الفنان تقنية الكولاج من خلال خامات أخرى لها استعمالاتها المختلفة، بعيداً عن عالم التشكيل، لكنه يستعين بها ليجسد الجو الغرائبي للوحة، الذي يبدو أن الواقع الآن يتفوق عليه.
الحِس الشعبي
من خلال خامة القماش، وتقنية القص واللصق، تأتي أعمال الفنان إبراهيم البريدي، التي تستعرض العالم الشعبي بمهنه وطوائفه المختلفة، واللوحات تقترب من عالم رسومات الأطفال، فهي في بساطتها رغم تعقيد تقنيتها تحمل قدراً كبيراً من الإيحاء بالسعادة، نطالع بائع الخبز وطفليه، ولاعب التنورة، وعازف الرباب، والراقص والراقصة الشعبية، إضافة إلى الفلاحة المصرية المُبتسمة في هدوء وثقة. كما حاول الفنان من خلال الألوان الزاهية أن يجذب النظر لهذا العالم، الذي ربما أصبحنا نراه في الأفلام القديمة فقط. ورغم البساطة البادية في اللوحات، لم يغفل الفنان تفاصيل الشخصيات وأكسسواراتها التي تمنحها شخصيتها وتكملها، كالقرط ومنديل الرأس والقلادة والعصا وما شابه ذلك من مفردات الشخصية، لاكتمال صورتها وعملها وبيئتها.
محمد عبد الرحيم

m2pack.biz