مجلس مسلمي فرنسا يرفض وصاية الدولة

مجلس مسلمي فرنسا يرفض وصاية الدولة

مجلس مسلمي فرنسا يرفض وصاية الدولة

لا تشكّل دعوة رئيس المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية أحمد أوغراس، الرئيس إيمانويل ماكرون إلى الامتناع عن التدخل في شؤون الإسلام في فرنسا، مؤشراً إيجابياً في شأن الرغبة المعلنة لماكرون بتنقية مكانة هذا الدين في المجتمع وتصحيح علاقته بالدولة.
وقال أوغراس، وهو تركي الأصل رأس المجلس عام 2017: «على كل شخص التزام دوره. الدين الإسلامي عقيدة ولذلك يهتم بشؤونه الخاصة. ما لا نريده أبداً هو وصاية الدولة».
وتأتي تصريحات أوغراس بعد أيام على إعلان ماكرون عزمه على العمل «في النصف الأول من العام لوضع أسس تنظيم الإسلام في فرنسا». ولم يكشف مضمون اقتراحه، مشيراً إلى أن «الأولوية ستكون استعادة كل ما يتعلّق بالعلمانية»، بما يعني العمل لإزالة أي تنافر بين ممارسة الإسلام، وهو ثاني أبرز دين في فرنسا، ونظام الفصل بين الدين والدولة.
وإدراكاً منه حساسية ملف تطرّق إليه جميع أسلافه من دون أن يوفقوا في معالجته، أكد ماكرون أنه في صدد إجراء مشاورات واسعة ومعمقة، لافتاً إلى أنه سيتخذ قراراته بتروٍ وبسياسة الخطوة خطوة، علماً أنه يتعرّض لضغوط في هذا الصدد منذ هجمات وتفجيرات نفذها متشددون في فرنسا وأوقعت أكثر من 230 قتيلاً منذ العام 2015.
معلوم أن ملف الإسلام وتشكيلة ممثليه في فرنسا معضلة مطروحة هناك منذ ثمانينات القرن العشرين، إذ أسّس وزير الداخلية السابق بيار جوكس، مجلساً للتفكير في مكانة الإسلام في البلاد. تلا ذلك تأسيس الرئيس السابق نيكولا ساركوزي عام 2003، المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية. لكن المجلسين لم يتوصلا إلى حلول لمشكلات معروفة جيداً لكنها مستعصية ويمكن حصرها بثلاثة عناوين رئيسة هي: تمويل إعداد الأئمّة في فرنسا لوقف التعامل مع أئمة يأتون من الخارج ويحملون معهم طروحات وتفسيرات منافية لنمط العيش في المجتمع الفرنسي، تمويل تشييد المساجد للحدّ أيضاً من الاعتماد على المال الخارجي وما يعنيه من امتداد لنفوذ الطرف المموّل إلى الداخل الفرنسي، العمل لإيجاد هيئة تمثيلية تعكس تعددية المسلمين في فرنسا ولا تقتصر على تمثيل المسلمين المنتمين إلى جمعيات دينية أو مساجد، كما الحال مع المجلس الحالي.
وعلى هذه الهيئة أن تتجنّب انقسامات داخلية، تسبّبها حساسيات بين دول المسلمين الذين تمثلهم. وبهذا المعنى، فإن استمرارية المجلس التمثيلي للديانة الإسلامية، الذي عانى جموداً منذ تأسيسه نتيجة نزاعات داخلية، تبدو على المحك، خصوصاً أنه فشل في أداء دوره ممثلاً جدياً للمسلمين لدى السلطات العامة. ولعلّ هذا ما يفسّر الدعوة التي وجّهها أوغراس لماكرون، من منطلق خشية من إقدام الرئيس الفرنسي على إبدال هيئة أخرى بالمجلس. ويعكس موقف رئيس المجلس واقع حلقة مفرغة يدور فيها الإسلام في فرنسا منذ عقود، مردها أساساً إلى امتناع مكوّناته عن العمل لتسوية مشكلات المسلمين، وعن التعاون مع المساعي الرسمية المتتالية لتحسين وضعهم. هذه الذهنية السلبية تبرّر حذر ماكرون في مقاربته هذا الملف، كما تبرّر تساؤلات في شأن نجاحه، حيث فشل كثيرون قبله.

m2pack.biz