مسألة الطلب والرغبة في نظرية لاكان
4من اصل4
المرحلة الشرجية: هذه المرحلة تتميز حسب تعبير لاكان بنقلة نوعية بعلاقة الطفل مع الآخر الكبير. فإذا كانت المرحلة الفموية تتميز بأن الطفل يتوجه إلى الآخر بطلب لكي يلبي حاجته، إلا أنه في هذه المرحلة تنقلب المعادلة: الآخر هو الذي يتقدم بالطلب إلى الطفل، بأن يحصر برازه ولا يعطيه إلا عندما يطلب منه. وهذا يعتبر بمثابة المؤسس لما سيصبح فيما بعد رغبة الانتفاء (Desir d’expulser) أي استخراج ما يريد التخلص منه. ولكن المهم في الموضوع أن الطفل يدخل في عالم “طلب الآخر منه”. وبالمقابل يظهر عامل جديد، هو العطاء، إعطاء شيء ما من جسده لكي يرضى الآخر، أي البراز، أو الاحتفاظ به وضبطه.
فتتولد من جراء ذلك علاقة موضوعية تتركز على الرفض والعطاء()، يكون محورها في حكم طلب البراز الآخر له. فهذا العطاء هو حسب التعريف التحليلي بمثابة الهدية التي يمنحها له. هذه الهدية تستمد أهميتها من التركيز والاهتمام الذي يصحب طلبه منه. فإكفاء حاجته في البراز يصبح مرتبطًا بشكل نهائي بطلب الآخر وحاجته إلى الحصول عليه؛ والطفل لا يدرك أهمية هذه النفايات إلا من خلال السعادة والارتياح الذي ينتاب الآخر عندما يحصل البراز، فيشعر عندئذ بأن سعادة الآخر أصبحت مرهونة بموضوع يملكه ويتحكم به ساعة يشاء.
ومن هذا المنطلق ركز المحللون على المرحلة الشرجية، كونها مرحلة سادية، أي تتعدى بمفهومها عملية إكفاء حاجة بدنية؛ فهي تتعداها إلى مفاهيم جنسية مرتبطة بهوامات تشكل الارتباط الأساسي بالآخر، يترتب عليها الكثير في سبل تكون الطباع التي تكلم عليها فرويد مقاله “الطباع والغلمية الشرجية”- 1908.
في هذا المقال يؤكد فرويد على أهمية المرحلة الشرجية، وكيف أنها تلعب دورًا أساسيًّا في تكون الطباع: ويستفرد منها ثلاثة: النظام، الاقتصاد، والعناد. فكيف يمكن لهذه الصفات في الطبع أن تكون تحولًا لما يمكن أن يحدث في المرحلة الأولى من الطفولة لهذا الطلب من الطفل في حصر برازه وضبطه حسب المنهج التربوي؟