مستقبل الوعي 2من اصل3

مستقبل الو عي

2من اصل3

مستقبل الوعي  2من اصل3
مستقبل الوعي
2من اصل3

إن الأمر يشبه فتح الثلاجة بسرعة جدا لترى إذا كان الضوء بداخلها مضاء على الدوام؛ فلن يمكنك أبدا رؤية الضوء والباب مغلق.

وتلك هي الكيفية التي يحدث بها وهم الوعي؛ فنحن البشر كائنات ماهرة ومتحدثة ومفكرة، يمكنها أن تسأل نفسها “هل أنا واع الآن؟” ثم لأننا نحصل دائما على الإجابة “نعم”، فنحن نقفز للاستنتاج الخاطئ بأننا واعون دائما، وبقية الافتراضات تنبع من هذا؛ فنحن نتخيل أننا في كل لحظة استيقاظ في حياتنا، يجب أن نكون واعين بشيء أو بآخر؛ لأننا عندما نسأل عما إذا كنا واعين فإننا نجد الإجابة دائما بالإيجاب؛ لذا نختلق الصورة المجازية التي تتناسب مع هذا الاستنتاج، مثل المسارح وكشافات الضوء وتيارات الوعي. لكننا مخطئون، مخطئون تماما.

الحقيقة أننا عندما لا نطرح السؤال، فلا توجد محتويات بالوعي ولا يوجد شخص ليمر بها، وإنما يستمر الدماغ في فعل الأشياء على نحو متواز- كما في نظرية دينيت الخاصة بتعدد قوى التأثير- ولا يكون أي منها داخل دائرة الوعي أو خارجها. في واقع الأمر، يمكن التخلي بالكامل عن فكرة كون نشاط الدماغ واعيا أو غير واع، وتذهب معها مشكلة “الفرق السحري” بين الأمرين.

إذن الوعي عبارة عن وهم كبير؛ فهو ينشأ عبر طرح أسئلة مثل: “هل أنا واع الآن؟” أو “ما الذي أنا واع به الآن؟” في لحظة السؤال تلك يتم اختلاق إجابة؛ يكون هناك تيار آني من التجارب، وذات تلاحظ هذا التيار، وتجاربه تظهر كلها معا، وتكون هناك لحظة لاحقة يختفي فيها كل هذا. في المرة التالية التي تسأل فيها مثل هذه الأسئلة، تكون هناك ذات جديدة وعالم جديد يتم اختلاقه، على نحو رجعي من الذاكرة. وإذا استمررت في الاعتقاد أنك تكون واعيا دائما، وأخذت في ابتكار الصور المجازية الخاصة بالتيارات والمسارح، فأنت تزيد أكثر فأكثر من حيرتك.

بهذه الطريقة الجديدة في التفكير بشأن الوعي، ستختفي معظم المشكلات القديمة؛ فلن نكون في حاجة إلى تفسير كيف أن الوعي ينتج عن النشاط المادي للدماغ أو ينشأ عنه؛

m2pack.biz