مصرف بريطاني يخسر 8.2 مليار استرليني ويوزّع 23 مليوناً مكافآت إدارية

مصرف بريطاني يخسر 8.2 مليار استرليني ..ويوزّع 23 مليوناً مكافآت إدارية

مصرف بريطاني يخسر 8.2 مليار استرليني ..ويوزّع 23 مليوناً مكافآت إدارية

الرجل-دبي: لم يعد من الممكن أن يمر يوم أو أكثر إلا وتجد مقالاً أو تقريراً أو افتتاحية للصحف البريطانية تتناول القطاع البنكي. وقد يبدو هذا أمراً عادياً في ضوء الأهمية القصوى لهذا القطاع في النشاط الاقتصادي، إلا أن أغلب تلك التقارير والتعليقات لا تتناول أداء القطاع المصرفي بقدر ما تمثل هجوماً حاداً وانتقاداً شديداً لسلوك أعضاء مجالس الإدارات وكبار المديرين، وحصولهم على حوافز ومكافآت مالية تقدر بالملايين، في وقت تخسر فيه بعض هذه البنوك المليارات تحت إداراتهم. حالة من الغضب كانت بالطبع أعلى عند المستثمرين والمساهمين في تلك البنوك التي تمنح مديريها ملايين الجنيهات الاسترلينية، في وقت تتعرض فيه استثمارات المساهمين للتقلص جراء خسائرها. حالة الغضب لم تعد تقف الآن عند الاعتراض على منح أعضاء مجالس الإدارات ورؤساء الأقسام حوافز ومكافآت استثنائية، بل امتدت لتشمل الاعتراض على منح جميع الموظفين في البنك أياً كانت درجاتهم الوظيفية مكافآت سنوية. الاحتجاج على “ثقافة مكافأة الفاشلين” كما يسميها بعض المعلقين الاقتصاديين البريطانيين، طالت وزير المالية جورج أوزبورن الذي يواجه الآن دعاوى متزايدة للمثول أمام مجلس العموم البريطاني لشرح مبررات صمته على توزيع مكافآت وحوافز بقيمة 35 مليون استرليني للعاملين في مجموعة لويدز البنكية، وكذلك مصرف رويال بانك أوف اسكتلاند، وذلك على الرغم من أن البنكين مؤممين جزئياً من قبل الحكومة، لأنهما كانا على شفير الإفلاس عندما وقعت الأزمة المالية عام 2008، وحتى الآن لا يزالان فاشلين في الخروج من أزمتهما الاقتصادية. فبأي مبرر يتم توزيع حوافز ومكافآت على العاملين؟ وقالت ل”الاقتصادية” سارة بيلتون المحللة المالية في مجموعة جولدمانساش “خسر مصرف رويال بانك أوف اسكتلاند خلال السنوات الخمس الماضية أكثر من 45 مليار جنيه استرليني من أموال دافعي الضرائب التي ضختها الحكومة فيه عام 2008 لإنقاذه من الإفلاس، وإذا كان نحو 31 في المائة من أسهم بنك لويدز مملوكا حالياً لدافعي الضرائب عبر ملكيتها للحكومة البريطانية، فإن هذه النسبة تصل لقرابة 81 في المائة من بنك RBS، وبينما لم تتجاوز أرباح لويدز العام الماضي 415 مليون استرليني، وهو مبلغ هزيل للغاية مقارنة بأرباح بنك مثل HSBS فإن بنك RBS خسر 8.2 مليار استرليني” وتضيف: “رغم الخسائر الضخمة فإن أعضاء مجلس إدارة بنك RBS والبالغ عددهم 11 عضواً حصلوا على مكافآت تقدر ب23 مليون استرليني، كان نصيب روس ماك ايوان رئيس مجلس إدارة البنك منها 3 ملايين جنيه استرليني” وتستدرك قائلة: ” لربما كان روس ماك على صواب عندما وصف بنكه بأنه آخر شركة يمكن أن تثق بها في قطاع هو آخر قطاع يمكن أن تثق به في الاقتصاد البريطاني”. وكان الإعلان عن خسائر بنك RBS للسنة السادسة على التوالي قد أدى إلى تراجع القيمة السوقية لأسهمه بنحو 8 في المائة، ما ترجم في انخفاض في قيمته السوقية بنحو 3 مليارات استرليني لتبلغ قيمته الراهنة في بورصة لندن 37 مليار استرليني. وعلى الرغم من هذا فإن رئيس مجلس إدارته أكد أن البنك سيقوم هذا العام بصرف 576 مليون استرليني حوافز للعاملين بينهم 80 موظفاً سيحصل كل واحد منهم على أكثر من مليون استرليني كمكافأة ! ويبدو أن هذا الوضع استفز وزير الأعمال البريطاني فينس كيبل الذي صرح لوسائل الإعلام البريطانية قائلاً: “الجمهور ببساطة لا يفهم لماذا تستمر سياسة المكافآت الكبيرة والرواتب الضخمة، في مؤسسة يمتلكها الشعب وتتعرض لخسائر ضخمة، ولا يزال أداؤها منخفضا في العديد من المجالات. ثقافة المكافآت والحوافز يجب أن تتوقف”. وتشهد الأروقة المالية البريطانية جدلاً بين عدد من التيارات حول الموقف من تلك المكافآت الضخمة التي يحصل عليها المتنفذون في البنوك البريطانية، فبينما يتهم البعض وزير المالية أوزبورن بأنه في الوقت الذي يضيق الخناق على الطبقة المتوسطة بسياسته المالية التقشفية لإخراج بريطانيا من أزمتها الاقتصادية فإنه “يغمض عينيه” على هذا الثقب الأسود في الاقتصاد البريطاني، إلا أن آخرين، رغم إقرارهم بأن المكافآت والحوافز مبالغ فيها خاصة في ضوء الخسائر التي تمنى بها بعض البنوك، يعارضون فكرة وقف هذه الحوافز أو ربطها بالأرباح. من جانبه قال ل”الاقتصادية” الدكتور مارك كوكس أستاذ المالية العامة في جامعة ليدز والمستشار المالي لبنك نيت ويست قائلاً: “المنافسة بين البنوك العالمية محتدمة للغاية، خاصة بين البنوك الأمريكية والأوروبية والآسيوية، وأحد جوانب هذه المنافسة هي السعي لجذب وتوظيف الخبرات، البنوك الآسيوية في اليابان والصين والبنوك الأمريكية في وضع مالي أفضل من الأوروبية وخاصة البريطانية، وهم يسعون لاستقطاب الخبرات البنكية البريطانية برواتب ومكافآت مالية سنوية ضخمة، ولهذا على بنوكنا أن تحافظ على ما لديها من خبرات، وإذا لم تمنح تلك المكافآت فإننا نرسل الصناعة البنكية البريطانية إلى دوامة الموت “ويستدرك”، لكن علينا أن نتفهم غضبة الرأي العام البريطاني من حجم الحوافز الممنوحة لأعضاء مجالس إدارات البنوك، واقترح أن نستفيد من النموذج المطبق في سلسلة المتاجر البريطانية الشهيرة جون لويس حيث رئيس مجلس الإدارة لا يمكن له أن يحصل على أكثر من 70 ضعف المتوسط العام في المؤسسة”. وتشهد الأروقة البنكية في بريطانيا اقتراحات من قبيل تحديد مكافآت المصرفيين بحد أقصى يساوي 100 في المائة من الراتب أو 200 في المائة إذا أعطى المساهمون الضوء الأخضر لذلك. إلا أن هذه الدعوات لم تمنع مجموعة المساهمين في رويال بانك أوف اسكوتلاند من السعي لرفع دعوى قضائية ضد البنك لقيامه بتوزيع تلك المكافآت. الجدير بالذكر أن وسائل الإعلام البريطانية كشفت في أوائل عام 2012، عن محادثات سرية بين الحكومة البريطانية وصندوق أبوظبي للاستثمار لبيع نحو ثلث رويال بانك أوف اسكوتلاند لأبوظبي، إلا أن المباحثات لم تكلل بالنجاح. (الاقتصادية)

m2pack.biz