مصر …إلي أين ..

مصر …إلي أين ..

مصر ...إلي أين ..
مصر …إلي أين ..

لن أتحدث عن ما يحدث في شارع  القصر  العيني  وتبادل  الاتهامات بين المتظاهرين والجيش ومن السبب  في ضياع  المجمع العلمي  بعد حرقه  ودم الشهداء وطريقة معاملة  المعتصمين،وما إذا كان هناك بالفعل  هناك طرف ثالث أم لا …إلي أخره ..

ولكن كل ما يشغلني  ويشغل الكثيرين  دائما هو الموقف الاقتصادي ومشكلة عجز الموازنة ،وهل من الممكن أن تعلن مصر إفلاسها ،خصوصاأن الاحتياطي النقدي  في تناقص  مستمر وسريع ؟

فبعد الثورة ،كنت أتوقع ،وخصوصا بعد أن تولي  الدكتور  سمير رضوان ومن بعده الدكتور حازم الببلاوي  وزارة المالية بما لديهما من خبرة وكفاءة علمية  ومهنية أنتتغير منهجية  الوزارة  في البحث عن مصادرهعلمية لحل مشكلة عجز الموازنة  دون الاستمرار  بنفس المنهجية السابقة والتي أدت في النهاية  الي ما تعانيه  موازنة  الدولة اليوم من عن الداخلي .

وإذا كانت  وزارة المالية  بما لديها من كفاءات  وخبرات  غير قادرة  علي إيجاد حلول لمواجهة  عجز الموازنة  وتلجأ دائما إلي الاقتراض ،فمن  الضروري  تشكيل  لجنة  من خبراء  المالية  العامة  والاقتصا  وطرح  رؤي جديدة  بعيدة  عن الاقتراض  لحل هذه  المشكلة  التي تؤرق  وزارة  المالية  والشعب  كله .

ول

كن المصيبة هي أنه لا يوجد أحد في الوزارة  يهتم بهذه  المطالب  وكل همهم هو اللجوء  الي أسهل  الطرق  لحل مشكلة  عجز  الموازنة  عن طريق  الاقتراض .

لقد فكرت  كثيرا  في كيفية  حل تلك  المشكلة وحاولت  أن أصل  الي طريقة  مختلفة  واجراءات  عملية  قد تؤدي  إلي معالجة  المشكلة  وتقلل من أثارها السيئة .

وبالمصادفة كنت  أجلس  مع أحد  رجال  الأعمال  الشرفاء ،والغريب  أنه  لفت نظري  الي حل قديم جديد  قد يساهم  بشكل  كبير  في عمل  انفراجه  في الأزمة  ،خصوصا  أنه  أكد  لي – والعهدة علي الراوي –أن إجمالي عدد  السجلات  التجارية  والبطاقات  الضريبية  في مصر  تقترب  من  ملايين سجل تجاري ،ما بين طبيب  ومهندس  ومحام  وشركة  ومصنع  وغيرها ،وأن  قرابة  الألف  سجل  تجاري  منهم  فقط يقوم  بسداد  حوالي 80% من قيمة  الضرائب  المتحصلة  لدي  الدولة ،أما  باقي  الشركات  أو من يملكون  سجلا  تجاريا  وبطاقة  ضريبية  يقومون  بسداد  العشرين  بالمائة  المتبقية  وهذا  غير منطقي  وغير  مقبول .

وأكد لي أن  الكثيرين  من التجار  يستطيعون  التلاعب  في فواتير  السلع  التي  يستوردونها ،ويقدمون  للجمارك  في الميناء  فواتير  بقيم أقل بكثير  من الحقيقة  ويدفعون  علي أساسها  ضرائب  هزيلة .

ولفت  إلي  أن رجال  الأعمال  لا يتكلمون  في هذه  النقطة – إلا  القليل  منهم –لأنهم  أكثر  المضارين منها ، ولهذا  تجدهم  يقدمون  حلولا أخري  كرفع  الضريبة  وجعلها  تصاعدية .

حتي  لو وصلت  إلي 40% بل و50% لأن  إجمالي  ما  سيقدمه  ويحاسب عليه  أقل  بكثير  في النهاية  من الحقيقة .

ثم ان اغلب  المتهربين  من الضرائب  يعلمون  أن اصغر  محام  يستطيع  ان  يحول  قضية  تهرب  ضريبي  بــ100 مليون  جنيه مثلا  الي  التصالح  ودفع  مبلغ  اصغر  بكثير  من الرقم  الحقيقي ،بل وتقسيطه .

ويمكن مما سبق  الوصول  الي أن عجز  الموازنة  وما يدور  حول  الاقتراض  سواء  من صندوق  النقد  الدولي أو  من البنك  الدولي  مشكلة  صعبة ، والبديل  الأفضل  هو الاعتماد  علي الضرائب كمفتاح  لحل تلك  الأزمة  سواء بشرط أن نجعل  كل  الشركات  تقدم  الإقرار  الضريبي  الحقيقي.

وعليه  فيجب  وعلي الفور  التوصل  إلي إجراءات  سريعة  لتحصيل  المتأخرات  الضريبية  ولو  بإتخاذ قرارات  قاسية  وعقوبات  قد تصل  الي الحبس  ومضاعفة  الغرامة  لتحصيل  المتأخرات  والتي تصل  قيمتها  بأسوأ  الفروض  الي  أكثر  من 40 مليار  جنيه  والاسراع  في اجراءات  فض  المنازعات  بين  الممولين  والادارة  الضريبة  وتحصيل  ما يمكن  تحصيلة  من هذه  الضرائب  المتنازع  عليها  مع ضرورة  تبديل  مواقع  موظفي  الضرائب  ومكافحة  التهرب  الضريبي  وموظفي  الجمارك  مع إقصاء  الفاسد  منهم .

كما أن  سرعة إعادة  هيكلة  الأجور والمكافآت  وتحديد الحدين  الأدني  والأقصي  لها والذي  يدفع  حاليا  لكثير  من العاملين  بالقطاع  الحكومي  وقطاع  الأعمال  العام  وخاصة  البنوك  المملوكة  للدولة .

وأنا  استبشر  خيرا في وزير  المالية  الجديد ممتاز  السعيد  الذي أكد  أنه سيقر  الحد

الأقصي  للأجور  بداية  من يناير  2012 .

أعتقد  أن هذه  الحلول  البسيطة  والمنطقية  يعلمها  الجميع  ولكنها  قد  تكون  تاهت  في زحام  الاعتصامات  والاشتباكات  وتبادل  الاتهامات ،وليس من المستبعد  أن  يكون  بعض  المستفدين  من الفاسدين  هم من  يصرون  علي اشعال  الأزمات  من وقت لآخر  حتي  لا يتم  الالتفات  إليهم  ومحاسبتهم .

وفي النهاية  نتساءل …هل  الأحداث  الراهنة  التي تمر  بها  مصر مقصود  من ورائها لمرحلة  الإفلاس لبلد  يعيش  أغلب  سكانه  تحت  خط  الفقر ؟وهل سيولد  ذلك ثورة  جياع  بعد ثورة الشباب ؟….إلي  أين  نحن ذاهبون ؟

m2pack.biz