الملح ليس نوع واحد

الملح ليس نوع واحد

الملح ليس نوع واحد

معظمُنا يستخدم الملح يوميًا دون التفكير حول نوعه، رغم أنَّه يُعرف كيميائيًا باسم كلوريد الصوديوم. ولكن عندما تدخل إلى محل التوابل تجد أنواع متعددة من الملح، مثلًا في أحد المتاجر قد تجد 80 نوعًا من الملح البحري فقط، فما الذي يجعل للملح أنواع متعددة؟
كما للنبيذ نكهاتُ متعددة وجميعها نكهاتُ مشتقةُ من الفواكه (العنب وغيره)، وتختلف أيضًا باختلاف مصدر النبيذ وطريقة تحضيره، كذلك كل أنواع الملح ذات طعم ملحي، ولكن ستكتشف أيضًا أنه بأنواعٍ ونكهاتٍ متعددة.
قالت كارين بيج-Karen Page مؤلفة كتاب النكهات المقدسة-The Flavor Bible في إحدى رسائلها الإلكترونية: “المكونات الأساسية للنكهة هي الطعم والرائحة وإحساس الفم (من حيث قوامها أو حرارتها مثلًا)”. ويعتبر كتابها الذي ألّفته بالتعاون مع أندرو دورنبرغ-Andrew Dornenburg مرجعًا وفهرسًا يُساعد الطهاة والطباخين المحترفين على مزج النكهات بشكل صحيح في الأطباق والوجبات التي يعدونها.
الملح حول العالم
يتواجد الملح في جميع مناطق العالم ويتم تجميعه من المناجم أو تبخيره من مياه البحار والمحيطات والبحيرات المالحة.
يُعد ملح المائدة النوع الأكثر شيوعًا، وفي نفس الوقت الأكثر تعرضًا لعمليات المعالجة، ويتم شراؤه بشكل ملح صخري أو بشكل أملاح جوفية منحلة يتم تبخيرها لاحقًا، ثمّ يتم معالجة ملح المائدة ليصبح بشكل حبيبات غير متكتلة، ويتم تدعيمه غالبًا باليود، وهو عنصر كيميائي لا يستطيع الجسم تصنيعه ولكنّه يعد ضروريًا لاستمرار عمل الغدة الدرقية.
هناك العديد من عشاق الطعام لا يتناولون ملح المائدة بسبب اعتقادهم أنّ طعمه معدّل بإضافة اليود، ويفضلون الملح الكوشري أو الملح البحري، حيث لا يحتوي الملح الكوشري على أية إضافات، ويُشتق اسم “الكوشري” كونه مدرج بهذا الاسم ضمن النظام الغذائي التابع للديانة اليهودية، ويعد الملح الكوشري أكثر خشونةً من ملح المائدة.
يوجد أنواع متعددة من الملح البحري، وتختلف نكهات الملح البحري حسب مصدر الماء المالح، ومعظم الملح المتواجد في المحلات التجارية هو ملح تم تبخيره بطرق يدوية، بدلًا من ترك الماء المالح يتبخر لوحده بشكل طبيعي، حيث يعد الملح البحري الأغلى سعرًا هو الذي يتم الحصول عليه من الحُفر البحرية قليلة العمق حيث يتواجد هناك بشكلٍ طبيعي، أو الملح الذي يتم جمعه من الأوعية المسطحة التي يُترك فيها ماء البحر المالح ليتبخّر بشكل طبيعي من دون أي تدخل يدوي ليتم لاحقًا جمع بلورات الملح.
الملح الذي يتم جمعه من أعلى هذه الأوعية المسطّحة يكون عادةً أبيض، بنكهة طبيعية ما يسمى بزهرة الملح، أمّا الملح الذي يتم جمعه من أسفل هذه الأوعية المسطحة يكون ذو لون ونكهة مخففة مثل أو ملح البحر الرمادي، كما أنّ الملح الذي يتم الحصول عليه بعملية التبخر الطبيعية؛ له أنواع متعددة من حيث القوام، فمثلاً ملح مالدون البحري والذي يتم جمعه من الشاطئ الشرقي لبريطانيا يتميز بأنّه رقائق مسطحة وعريضة وهشة قابلة للسحق.
يمتلك ملح المناجم أيضًا العديد من النكهات والألوان اعتمادًا على مصدره، فمثلًا ملح هملايا الوردي يستخرج من منجم كييرا-في باكستان، وهو ثاني أكبر منجم للملح في العالم ومن أقدمها أيضًا، ويُعتقد أن الاسكندر الأكبر هو من اكتشف هذا المنجم في عام 320 ما قبل الميلاد، ويأتي اللون الوردي بسبب آثار الصدأ الموجودة في الملح.
قوام وحجم الملح
كما ذكرت الكاتبة بيج في كتابها أنّه للحكم على نكهة الملح لا يكفي مذاقه، بل قوامه أيضًا وهو مفتاح تحسس الفم للملح، وهذا يتعلّق بحجم حبيبات الملح أيضاً، وتقول الكاتبة: “إنَّ الملح الناعم جدًا سيذوب بسرعة كبيرة في أطباقنا، بينما حبيبات الملح الخشنة ستضيف قواماً للطبق أيضاً وقد يجعله بمذاق أفضل”.
يخلق حجم حبيبات الملح أيضًا اختلافًا في طريقة استخدامه، فالملح الناعم يُستخدم غالبًا خلال عملية الطبخ، بينما الملح الخشن الأكبر حجمًا يستخدم قبل تقديم الطبق وهنا يسميه الطهاة “ملح الختام أو الإنهاء”.
تقول الكاتبة بيج: “هناك بعض مكونات الطبخ يجب تمليحها فورًا، ومكونات أخرى يمكن تأجيل تمليحها خلال عملية الطبخ” وتضيف “وهناك بعض الأطباق التي يضاف لها رشة ملح بسيطة قبل تقديمها فقط مما يسمح بزيادة قوامها ونكهتها، حيث لا يضيف ملح الإنهاء القوام والنكهة لمرحلة الطبخ لأنّه يضاف فقط في الدقيقة الأخيرة من إعداد الطبق وقبل تقديمه”.
يحتفظ العديد من الطهاة والطباخين بمن فيهم الكاتبة بيج بأنواع متعددة من الملح لديهم، حيث تمتلك الكاتبة بيج ومساعدها في تأليف الكتاب الملح المدخن في خزانتهم. تقول الكاتبة “من الرائع أن يكون لديك الملح البحري والملح الكوشري بالإضافة لأنواع متعددة من ملح الإنهاء” وتضيف “يعد الملح المدخن مناسبًا كملح إنهاء في شوربة البازلاء النباتية التي يعدها أندرو, لدرجة أن بعض الأصدقاء النباتيين توقفوا عن تناولها لاعتقادهم أنها تحتوي على لحم الخنزير المملح بداخلها, ولكنه فقط أحد أنواع الملح الذي يضفي مذاقاً مدخناً للشوربة”.
اكتشف العلماء مؤخرًا أن الملح هو أكثر من كونه كلوريد الصوديوم، حيث وجدت دراسة نشرت في مجلة التقنية والعلوم البيئية في كوريا الجنوبية تم من خلالها تقييم 39 عينة ملح من 21 بلد متوزعة في خمس قارات أن 90 بالمئة من ملح المائدة ملوثًا بجزيئات البلاستيك الدقيق.

m2pack.biz